وكذلك الحال بالنسبة للزوجة، فلكل مرحلة من العمر جاذبيتها وجمالها الذي يُعوِّضنا ما فات.
ولما كان من طبيعة المرأة أنْ يظهر عليها علامات الكِبَر أكثر من الرجل ؛ لذلك كان على الرجل أنْ يراعي هذه المسألة، فلما سأل أحدهم الحسن : لقد تقدم رجل يخطب ابنتي وصِفَته كيت وكيت، قال : لا تنكِحها إلا رجلاً مؤمناً، إنْ أحبها أكرمها، وإنْ كرهها لم يظلمها.
ثم يقول سبحانه :﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [ الروم : ٢١ ] يتفكرون في هذه المسائل وفي هذه المراحل التي تمرُّ بالحياة الزوجية، وكيف أن الله تعالى جعل لنا الأزواج من أنفسنا، وليستْ من جنس آخر، وكيف بنى هذه العلاقة على السَّكَن والحب والمودة، ثم في مرحلة الكِبَر على الرحمة التي يجب أنْ يتعايش بها الزوجان طيلة حياتهما معاً.
ثم يقول الحق سبحانه :﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السماوات... ﴾.
في خلق السماوات والأرض آيات أظهرها لنا كما قال في موضع آخر إنها تقوم على غير عمد :﴿ خَلَقَ السماوات بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا... ﴾ [ لقمان : ١٠ ].
فالسماء التي تروْنها على امتداد الأفق تقوم بغير أعمدة، ولكم أنْ تسيروا في الأرض، وأنْ تبحثوا عن هذه العُمد فلن تروْا شيئاً. أو ﴿ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا... ﴾ [ لقمان : ١٠ ] يعني : هي موجودة لكن لا ترونها.
والمنطق يقتضي أن الشيء العالي لا بُدَّ له إما من عُمُد تحمله من أسفل، أو قوة تمسكه من أعلى ؛ لذلك ينبغي أنْ نجمع بين الآيات لتكتمل لدينا هذه الصورة، فالحق سبحانه يقول في موضع آخر :﴿ إِنَّ الله يُمْسِكُ السماوات والأرض أَن تَزُولاَ... ﴾ [ فاطر : ٤١ ].


الصفحة التالية
Icon