وقال أبو حيان فى الآيات السابقة :
﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (١٧) ﴾
لما بين تعالى عظيم قدرته في خلق السموات والأرض بالحق، وهو حالة ابتداء العالم، وفي مصيرهم إلى الجنة والنار، وهي حالة الانتهاء، أمر تعالى بتنزيهه من كل سوء.
والظاهر أنه أمر عباده بتنزيهه في هذه الأوقات، لما يتجدد فيها من النعم.
ويحتمل أن يكون كناية عن استغراق زمان العبد، وهو أن يكون ذاكراً ربه، واصفه بما يجب له على كل حال.
وقال الزمخشري : لما ذكر الوعد والوعيد، أتبعه ذكر ما يوصل إلى الوعد وينجي من الوعيد.
وقيل : المراد هنا بالتسبيح : الصلاة.
فعن ابن عباس وقتادة : المغرب والصبح والعصر والظهر، وأما العشاء ففي قوله :﴿ وزُلَفاً من الليل ﴾ وعن ابن عباس : الخمس، وجعل ﴿ حين تمسون ﴾ شاملاً للمغرب والعشاء.
﴿ وله الحمد في السموات والأرض ﴾ : اعتراض بين الوقتين، ومعناه : أن الحمد واجب على أهل السموات وأهل الأرض، وكان الحسن يذهب إلى أن هذه الآية مدنية، لأنه كان يقول : فرضت الخمس بالمدينة.
وقال الأكثرون : بل فرضت بمكة ؛ وفي التحرير، اتفق المفسرون على أن الخمس داخلة في هذه الآية.
وعن ابن عباس : ما ذكرت الخمس إلا فيها، وقدم الإمساء على الإصباح، كما قدم في قول ﴿ يولج الليل في النهار ﴾ والظلمات على النور، وقابل بالعشي الإمساء، وبالإظهار الإصباح، لأن كلاًّ منهما يعقب بما يقابله ؛ فالعشي يعقبه الإمساء، والإصباح يعقبه الإظهار.
ولما لم يتصرف من العشي فعل، لا يقال أعشى، كما يقال أمسى وأصبح وأظهر، جاء التركيب ﴿ وعشياً ﴾.
وقرأ عكرمة : حيناً تمسون وحيناً تصبحون، بتنوين حين، والجملة صفة حذف منها العائد تقديره : تمسون فيه وتصبحون فيه.
ولما ذكر الإبداء والإعادة، ناسب ذكره :﴿ يخرج الحي من الميت ﴾، وتقدم الكلام على هذه الآية في آل عمران.


الصفحة التالية
Icon