﴿وَمِنْ ءاياته مَنَامُكُم باليل﴾ [ الروم : ٢٣ ] فإذا صلى في أول النهار تسبيحتين وهما ركعتان حسب له صرف ساعتين إلى التسبيح، ثم إذا صلى أربع ركعات وقت الظهر حسب له صرف أربع ساعات أخر فصارت ست ساعات، وإذا صلى أربعاً في أواخر النهار وهو العصر حسب له أربع أخرى فصارت عشر ساعات، فإذا صلى المغرب والعشاء سبع ركعات أخر حصل له صرف سبع عشرة ساعة إلى التسبيح وبقي من الليل والنهار سبع ساعات وهي ما بين نصف الليل وثلثيه لأن ثلثيه ثمان ساعات ونصفه ست ساعات وما بينهما السبع، وهذا القدر لو نام الإنسان فيه لكان كثيراً وإليه أشار تعالى بقوله :﴿قُمِ الليل إِلاَّ قَلِيلاً * نّصْفَهُ أَوِ انقص مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ﴾ [ المزمل : ٢ ٤ ] وزيادة القليل على النصف هي ساعة فيصير سبع ساعات مصروفة إلى النوم والنائم مرفوع عنه القلم، فيقول الله عبدي صرف جميع أوقات تكليفه في تسبيحي فلم يبق لكم أيها الملائكة عليهم المزية التي ادعيتم بقولكم :﴿نَحْنُ نُسَبّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدّسُ لَكَ﴾ [ البقرة : ٣٠ ] على سبيل الانحصار بل هم مثلكم فمقامهم مثل مقامكم في أعلى عليين، واعلم أن في وضع الصلاة في أوقاتها وعدد ركعاتها واختلاف هيئاتها حكمة بالغة، أما في عدد الركعات فما تقدم من كون الإنسان يقظان في سبع عشرة ساعة ففرض عليه سبع عشرة ركعة، وأما على مذهب أبي حنيفة حيث قال بوجوب الوتر ثلاث ركعات وهو أقرب للتقوى، فنقول هو مأخوذ من أن الإنسان ينبغي أن يقلل نومه فلا ينام إلا ثلث الليل مأخوذاً من قوله تعالى :﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أدنى مِن ثُلُثَىِ الليل وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ﴾ ويفهم من هذا أن قيام ثلثي الليل مستحسن مستحب مؤكد باستحباب ولهذا قال عقيبه :﴿عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾ [ المزمل : ٢٠ ] ذكر بلفظ التوبة، وإذا كان كذلك يكون الإنسان يقظان في عشرين ساعة فأمر