وقال ابن عطية :
﴿ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (٢٦) ﴾
اللام في ﴿ له ﴾ الأولى لام الملك، وفي الثانية لام تعدية ل " قنت " إذ " قنت " بمعنى خضع في طاعته وانقياده، وهذه الآية ظاهر لفظها العموم في القنت والعموم في كل من يعقل، وتعميم ذلك في المعنى لا يصح لأنه خبر، ونحن نجد كثيراً من الجن والإنس لا يقنت في كثير من المعتقد والأعمال، فلا بد أن عموم ظاهر هذه الآية معناه الخصوص، واختلف المتألون في هذا الخصوص أي هو، فقال ابن عباس وقتادة : هو في القنت والطاعة وذلك أن جميع من يعقل هو قانت لله في معظم الأمور من الحياة والموت والرزق والقدرة ونحو ذلك، وبعضهم يبخل بالعبادة وبالمعتقدات فلا يقنت فيها فكأنه قال كل له قانتون في معظم الأمور وفي غالب الشأن، وقال ابن زيد ما معناه : إن الخصوص هو في الأعيان المذكورين كأنه قال ﴿ وله من في السماوات والأرض ﴾ من ملك ومؤمن، وقوله ﴿ يبدأ الخلق ﴾ معناه ينشئه ويخرجه من العدم، وجاء الفعل بصيغة الحال لما كان في هذا المعنى ما قد مضى كآدم وسائر القرون وفيه ما يأتي في المستقبل، فكانت صيغة الحال تعطي هذا كله، و﴿ يعيده ﴾ معناه يبعثه من القبور وينشئه تارة أخرى، واختلف المتأولون في قوله ﴿ وهو أهون عليه ﴾، فقال ابن عباس والربيع بن خيثم : المعنى وهو هين ونظيره قول الشاعر :( لعمرك ما أدري وأني لأوجل ) بمعنى لوجل، وقول الآخر ( بيت دعائمه أعز وأطول )، وقولهم في الأذان الله أكبر وقال الآخر وهو الشافعي :


الصفحة التالية
Icon