فتلك سبيل لست فيها بأوحد... واستشهد بهذا البيت أبو عبيدة وهذا شاهده كثير، وفي مصحف ابن مسعود " وهو هين عليه "، وفي بعض المصاحف و" كل هين عليه "، وقال ابن عباس أيضاً ومجاهد وعكرمة : المعنى وهو أيسر عليه، وإن كان الكل من اليسر عليه في حيز واحد وحال متماثلة، ولكن هذا التفضيل بحسب معتقد البشر وما يعطيهم النظر في الشاهد من أن الإعادة في كثير من الأشياء أهون علينا من البداءة للتمرن والاستغناء عن الروية التي كانت في البدأة، وهذان القولان الضمير فيهما عائد على الله تعالى، وقالت فرقة أخرى : الضمير في ﴿ عليه ﴾ عائد على الخلق.
قال الفقيه الإمام القاضي : فهذا بمعنى المخلوق فقط، وعلى التأويلين يصح أن يكون المخلوق أو يكون مصدراً من خلق، فقال الحسن بن أبي الحسن إن الإعادة أهون على المخلوق من إنشائه لأنه في إنشائه يصير من حالة إلى حالة، من نطفة إلى علقة إلى مضغة ونحو هذا، وفي الإعادة إنما يقوم في حين واحد، فكأنه قال وهو أيسر عليه، أي أقصر مدة وأقل انتقالاً، وقال بعضها : المعنى " وهو أهون " على المخلوق أن يعيد شيئاً بعد إنشائه، أي فهذا عرف المخلوقين فكيف تنكرون أنتم الإعادة في جانب الخالق.
قال الفقيه الإمام القاضي : والأظهر عندي عود الضمير على الله تعالى ويؤيده قوله تعالى ﴿ وله المثل الأعلى ﴾ لما جاء بلفظ فيه استعارة واستشهاد بالمخلوق على الخالق وتشبيه بما يعهده الناس من أنفسهم خلص جانب العظمة بأن جعل له المثل الأعلى الذي لا يتصل به تكييف ولا تماثل مع شيء و" العزة والحكمة "، صفتان موافقتان لمعنى الآية، فبهما يعيد وينفذ أمره في عباده كيف شاء. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾