وقال :﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لتسكنوا إِلَيْهَا ﴾ فأوّل ارتفاق الرجل بالمرأة سكونه إليها مما فيه من غليان القوّة، وذلك أن الفرج إذا تحمل فيه هيَّج ماء الصلب إليه، فإليها يسكن وبها يتخلص من الهِياج، وللرجال خُلق البُضع منهنّ، قال الله تعالى :﴿ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ ﴾ [ الشعراء : ١٦٦ ] فأعلم الله عز وجل الرجال أن ذلك الموضع خلق منهن للرجال، فعليها بذله في كل وقت يدعوها الزوج، فإن منعته فهي ظالمة وفي حرج عظيم ؛ ويكفيك من ذلك ما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :" والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها " وفي لفظ آخر :" إذا باتت المرأة هاجرة فِراش زوجِها لعنتها الملائكة حتى تُصبِح " ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السماوات والأرض ﴾ تقدّم في "البقرة" وكانوا يعترفون بأن الله تعالى هو الخالق.
﴿ واختلاف أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ﴾ اللّسان في الفم ؛ وفيه اختلاف اللغات : من العربيّة والعجمية والتركية والرومية.
واختلاف الألوان في الصور : من البياض والسواد والحمرة ؛ فلا تكاد ترى أحداً إلا وأنت تفرّق بينه وبين الآخر.
وليس هذه الأشياء من فعل النطفة ولا من فعل الأبوين ؛ فلا بد من فاعل، فعُلِم أن الفاعل هو الله تعالى ؛ فهذا من أدلّ دليل على المدبر البارىء.
﴿ إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّلْعَالَمِينَ ﴾ أي للبَرّ والفاجر.
وقرأ حفص :"للعَالِمِينَ" بكسر اللام جمع عالم.


الصفحة التالية
Icon