والمعنيان متقاربان، إلا أن أهل المدينة فرّقوا بينهما لنسق الكلام، فنسقُ الكلام في التي في "الأعراف" بالضم أشبه ؛ إذ كان الموت ليس من فعلهم، وكذا الإخراج.
والفتح في سورة الروم أشبه بنسق الكلام ؛ أي إذا دعاكم خرجتم أي أطعتم ؛ فالفعل ( بهم ) أشبه.
وهذا الخروج إنما هو عند نفخة إسرافيل الآخرة ؛ على ما تقدّم ويأتي.
وقرىء :"تخرجون" بضم التاء وفتحها، ذكره الزَّمَخْشَرِيّ ولم يزد على هذا شيئاً، ولم يذكر ما ذكرناه من الفرق، والله أعلم.
﴿ وَلَهُ مَن فِي السماوات والأرض ﴾ خلقاً وملكاً وعبداً.
﴿ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ﴾ رُوي عن أبي سعيد الخدرِيّ عن النبيّ ﷺ قال :" كلّ قنوت في القرآن فهو طاعة " قال النحاس : مطيعون طاعة انقياد.
وقيل :"قَانتُونَ" مقِرّون بالعبودية، إما قالة وإما دلالة ؛ قاله عِكرمة وأبو مالك والسدّي.
وقال ابن عباس ؛ "قَانتُونَ" مصلون.
الربيع بن أنس :"كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ" أي قائم يوم القيامة ؛ كما قال :﴿ يَوْمَ يَقُومُ الناس لِرَبِّ العالمين ﴾ [ المطففين : ٦ ] أي للحساب.
الحسن : كل له قائم بالشهادة أنه عبد له.
سعيد بن جبير :"قَانِتُونَ" مخلصون.
قوله تعالى :﴿ وَهُوَ الذي يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ ﴾ أمّا بدْء خلقه فبعلوقه في الرّحم قبل ولادته، وأمّا إعادته فإحياؤه بعد الموت بالنفخة الثانية للبعث ؛ فجعل ما علم من ابتداء خلقه دليلاً على ما يخفى من إعادته ؛ استدلالاً بالشاهد على الغائب، ثم أكد ذلك بقوله ﴿ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ﴾ وقرأ ابن مسعود وابن عمر :"يُبْدِىءُ الْخَلْقَ" من أبدأ يبدىء ؛ دليله قوله تعالى :﴿ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ ﴾ [ البروج : ١٣ ].
ودليل قراءة العامة قوله سبحانه :﴿ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ﴾ [ الأعراف : ٢٩ ].
و"أَهْوَنُ" بمعنى هيّن ؛ أي الإعادة هيّن عليه ؛ قاله الرَّبيع بن خُثيم والحسن.


الصفحة التالية
Icon