وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١) ﴾
قوله :﴿ الله يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ ﴾ أي يخلقهم أوّلاً، ثم يعيدهم بعد الموت أحياء كما كانوا ﴿ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ إلى موقف الحساب، فيجازي المحسن بإحسانه والمسيىء بإساءته، وأفرد الضمير في :﴿ يعيده ﴾ باعتبار لفظ الخلق، وجمعه في :﴿ ترجعون ﴾ باعتبار معناه.
قرأ أبو بكر وأبو عمرو :" يرجعون " بالتحتية.
وقرأ الباقون بالفوقية على الخطاب والالتفات المؤذن بالمبالغة.
﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يُبْلِسُ المجرمون ﴾ قرأ الجمهور :﴿ يبلس ﴾ على البناء للفاعل.
وقرأ السلمي على البناء للمفعول، يقال : أبلس الرجل : إذا سكت وانقطعت حجته.
قال الفراء والزجاج : المبلس : الساكت المنقطع في حجته الذي أيس أن يهتدي إليها، ومنه قول العجاج :
يا صاح هل تعرف رسماً مكرسا... قال : نعم أعرفه وأبلسا
وقال الكلبي : أي : يئس المشركون من كل خير حين عاينوا العذاب، وقد قدّمنا تفسير الإبلاس عند قوله :﴿ فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ ﴾ [ الأنعام : ٤٤ ].
﴿ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ مّن شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاء ﴾ أي لم يكن للمشركين يوم تقوم الساعة من شركائهم الذين عبدوهم من دون الله شفعاء يجيرونهم من عذاب الله ﴿ وَكَانُواْ ﴾ في ذلك الوقت ﴿ بِشُرَكَائِهِمْ ﴾ أي بآلهتهم الذين جعلوهم شركاء لله ﴿ كافرين ﴾ أي : جاحدين لكونهم آلهة ؛ لأنهم علموا إذ ذاك أنهم لا ينفعون ولا يضرون وقيل : إن معنى الآية : كانوا في الدنيا كافرين بسبب عبادتهم، والأوّل أولى.