قوله تعالى :﴿ فانظر إلى آثَارِ رَحْمَةِ الله ﴾ يعني المطر ؛ أي انظروا نظر استبصار واستدلال ؛ أي استدلوا بذلك على أن من قدر عليه قادر على إحياء الموتى.
وقرأ ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي :"آثَارِ" بالجمع.
الباقون بالتوحيد ؛ لأنه مضاف إلى مفرد.
والأثر فاعل "يُحْيي" ويجوز أن يكون الفاعل اسم الله عز وجل.
ومن قرأ :"آثَارِ" بالجمع فلأن رحمة الله يجوز أن يراد بها الكثرة ؛ كما قال تعالى :﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَا ﴾ [ إبراهيم : ٣٤ ].
وقرأ الجحدرِي وأبو حيوة وغيرهما :"كَيْفَ تُحْيي الأَرْضَ" بتاء ؛ ذهب بالتأنيث إلى لفظ الرحمة ؛ لأن أثر الرحمة يقوم مقامها فكأنه هو الرحمة ؛ أي كيف تحيي الرحمة الأرض أو الآثار.
"ويحيي" أي يحيي الله عز وجل أو المطر أو الأثر فيمن قرأ بالياء.
و﴿ كَيْفَ يُحْيِيِ الأرض ﴾ في موضع نصب على الحال على الحمل على المعنى لأن اللفظ لفظ الاستفهام والحال خبر ؛ والتقدير : فانظر إلى أثر رحمة الله محيية للأرض بعد موتها.
﴿ إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْييِ الموتى وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ استدلال بالشاهد على الغائب.
قوله تعالى :﴿ وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً ﴾ يعني الريح، والريح يجوز تذكيره.
قال محمد بن يزيد : لا يمتنع تذكير كل مؤنث غير حقيقي، نحو أعجبني الدار وشبهه.
وقيل : فرأوا السحاب.
وقال ابن عباس : الزرع، وهو الأثر ؛ والمعنى : فرأوا الأثر مصفرًّا ؛ واصفرار الزرع بعد اخضراره يدلّ على يبسه، وكذا السحاب يدلّ على أنه لا يمطر، والريح على أنها لا تُلقح ﴿ لَّظَلُّواْ مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ ﴾ أي لَيَظَلُّنّ ؛ وحسن وقوع الماضي في موضع المستقبل لما في الكلام من معنى المجازاة، والمجازاة لا تكون إلا بالمستقبل ؛ قاله الخليل وغيره.
قوله تعالى :﴿ فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى ﴾


الصفحة التالية
Icon