وقال أبو السعود :
( سورة لقمان )
( مكية وقيل ﴿ إلا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ﴾ فإن وجوبهما في المدينة وهو ضعيف لأنه ينافى شرعيتهما بمكة وقيل إلا ثلاثاً من قوله ﴿ ولو أنما فى الأرض من شجرة أقلام ﴾ وهى أربع وثلاثون آية )
﴿ الم تِلْكَ ءايات الكتاب ﴾ سلفَ بيانُه في نظائرِه ﴿ الحكيم ﴾ أي ذي الحكمةِ لاشتماله عليها أو هو وصفٌ له بنعته تعالى أو أصلُه الحكيمُ منزلُه أو قائلُه فخُذفَ المضافُ وأُقيمَ المضافُ إليهِ مُقامَه فانقلبَ مرفُوعاً فاستكنَّ في الصِّفةِ المُشبَّهةِ. وقيل الحكيمُ فعيلٌ بمعنى مُفْعَلٍ كما قالُوا أعقدتُ اللَّبنَ فهو عَقِيدٌ أي مُعْقَدٌ وهو قليلٌ وقيلَ بمعنى فاعلٍ ﴿ هُدًى وَرَحْمَةً ﴾ بالنَّصبِ على الحاليَّةِ من الآياتٍ والعاملُ فيهما معنى الإشارةِ. وقُرئا بالرَّفعِ على أنَّهما خبرانِ آخرانِ لاسمِ الإشارة أو لمبتدأ محذوف ﴿ لّلْمُحْسِنِينَ ﴾ أي العاملين للحسنات فإن أريد بها مشاهيرُها المعهودةُ في الدِّينِ فقولُه تعالى :﴿ الذين يُقِيمُونَ الصلاة وَيُؤْتُونَ الزكاة وَهُم بالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ بيانٌ لما عملوها من الحسناتِ على طريقةِ قولِه :
الأَلْمعيُّ الَّذِي يَظُنُّ بِكَ الظَّن... كَأَنْ قَد رَأَى وقَدْ سَمِعا
وإنْ أُريد بها جميعُ الحسناتِ فهو تخصيصٌ لهذه الثلاثِ بالذكرِ من بين سائر شُعبِها لإظهارِ فضلِها وإنافتِها على غيرِها، وتخصيصُ الوجهِ الأولِ بصورةِ كونِ الموصولِ صفةً للمحسنين والوجهِ الآخيرِ بصورةِ كونِه مبتدأً مما لا وجَه له. ﴿ أولئك على هُدًى مّن رَّبّهِمْ وأولئك هُمُ المفلحون ﴾ الفائزون بكلِّ مطلوبٍ والنَّاجُون من كلِّ مهروبٍ لحيازتِهم قُطريْ العلمِ والعملِ وقد مرَّ فيه من المقالِ في مطلع سورةِ البقرةِ بما لا مزيدَ عليهِ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٧ صـ ﴾