وقال الآلوسى :
﴿ الم تِلْكَ ءايات الكتاب الحكيم ﴾
أي ذي الحكمة، ووصف الكتاب بذلك عند بعض المغاربة مجاز لأن الوصف بذلك للتملك وهو لا يملك الحكمة بل يشتمل عليها ويتضمنها فلأجل ذلك وصف بالحكيم بمعنى ذي الحكمة، واستظهر الطيبي أنه على ذلك من الاستعارة المكنية.
والحق أنه من باب ﴿ عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ﴾ [ الحاقة : ١ ٢ ] على حد لابن وتامر.
نعم يجوز أن يكون هناك استعارة بالكناية أي الناطق بالحكمة كالحي، ويجوز أن يكون الحكيم من صفاته عز وجل ووصف الكتاب به من باب الإسناد المجازي فإنه منه سبحانه بداً، وقد يوصف الشيء بصفة مبدئه كما في قول الأعشى :
وغريبة تأتي الملوك حكيمة...
قد قلتها ليقال من ذا قالها
وأن يكون الأصل الحكيم منزله أو قائله فحذف المضاف إلى الضمير المجرور وأقيم المضاف إليه مقامه فانقلب مرفوعاً ثم استكن في الصفة المشبهة.
وأن يكون ﴿ الحكيم ﴾ فعيلاً بمعنى مفعل كما قالوا : عقدت العسل فهو عقيد أي معقد وهذا قليل، وقيل : هو بمعنى حاكم، وتمام الكلام في هذه الآية قد تقدم في الكلام على نظيرها.
﴿ هُدًى وَرَحْمَةً ﴾ بالنصب على الحالية من ﴿ ءايات ﴾ والعامل فيهما معنى الإشارة على ما ذكره غير واحد وبحث فيه.
وقرأ حمزة.
والأعمش.
والزعفراني.
وطلحة.
وقنبل من طريق أبي الفضل الواسطي.
ونظيف بالرفع على الخبر بعد الخبر لتلك على مذهب الجمهور أو الخبر المحذوف أي هي أو هو هدى ورحمة عظيمة ﴿ لّلْمُحْسِنِينَ ﴾ أي العاملين الحسنات، والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع صفة للمتعاطفين، وقوله تعالى :
﴿ الذين يُقِيمُونَ الصلاة وَيُؤْتُونَ الزكواة وَهُم بالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ ﴾ إما مجرور على أنه صفة كاشفة أو بدل أو بيان لما قبله، وإما منصوب أو مرفوع على القطع وعلى كل فهو تفسير للمحسنين على طريقة قول أوس بن حجر :
الألمعي الذي يظن بك الظن...
كأن قد رأى وقد سمعا