قال الفقيه الإمام القاضي : والذي يترجح أن الآية نزلت في لهو الحديث منضاف إلى كفر فلذلك اشتدت ألفاظ الآية بقوله :﴿ ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً ﴾، والتوعد بالعذاب المهين، وأما لفظة الشراء فمحتملة للحقيقة والمجاز على ما بينا، و﴿ لهو الحديث ﴾ كل ما يلهي من غناء وخنى ونحوه، والآية باقية المعنى في أمة محمد ولكن ليس ليضلوا عن سبيل الله بكفر ولا يتخذوا الآيات هزواً ولا عليهم هذا الوعيد، بل ليعطل عبادة ويقطع زماناً بمكروه، وليكون من جملة العصاة والنفوس الناقصة تروم تتميم ذلك النقص بالأحاديث وقد جعلوا الحديث من القربى، وقيل لبعضهم أتمل الحديث؟ قال : إنما يمل العتيق.
قال الفقيه الإمام القاضي : يريد القديم المعاد، لأن الحديث من الأحاديث فيه الطرافة التي تمنع من الملل، وقرأ نافع وعاصم والحسن وجماعة " ليُضل " بضم الياء.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتحها، وفي حرف أبيّ " ليضل الناس عن سبيل الله "، وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم " ويتخذَها " بالنصب عطفاً على ﴿ ليضل ﴾، وقرأ الباقون " ويتخذُها " بالرفع عطفاً على ﴿ يشتري ﴾، والضمير في ﴿ يتخذها ﴾ يحتمل أن يعود على ﴿ الكتاب ﴾ المذكور أولاً ويحتمل أن يعود على السبيل، ويحتمل أن يعود على الأحاديث لأن الحديث اسم جنس بمعنى الأحاديث، وكذلك ﴿ سبيل الله ﴾ اسم جنس ولكن وجه من الحديث وجه يليق به من السبيل.
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٧)
هذا دليل على كفر الذي نزلت فيه هذه الآية التي قبلها، و" الوقر " في الأذن الثقل الذي يعسر إدراك المسموعات، وجاءت البشارة بالعذاب من حيث قيدت ونص عليها. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾