ويتعلق ﴿ ليريكم ﴾ بـ ﴿ تجري ﴾ أي : تجري في البحر جرياً، علةُ خَلْقه أن يريكم الله بعض آياته، أي : آياته لكم فلم يذكر متعلق الآيات لظهوره من قوله ﴿ ليريكم ﴾ وجريُ الفلك في البحر آية من آيات القدرة في بديع الصنع أن خلق ماء البحر بنظام، وخلق الخشب بنظام، وجعل لعقول الناس نظاماً فحصل من ذلك كله إمكان سير الفلك فوق عباب البحر.
والمعنى : أن جري السفن فيه حِكم كثيرة مقصودة من تسخيره، منها أن يكون آية للناس على وجود الصانع ووحدانيته وعلمه وقدرته.
وليس يلزم من لام التعليل انحصار الغرض من المعلَّل في مدخولها لأن العلل جزئيةٌ لا كلية.
وجملة ﴿ إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ﴾ لها موقع التعليل لجملة ﴿ ليريكم من ءاياته.
﴾ ولها موقع الاستئناف البياني إذ يخطر ببال السامع أن يسأل : كيف لم يهتد المشركون بهذه الآيات؟ فأفيد أن الذي ينتفع بدلالتها على مدلولها هو ﴿ كل صبّار شكور ﴾، ثناء على هذا الفريق صريحاً، وتعريضاً بالذين لم ينتفعوا بدلالتها.
واقتران الجملة بحرف ﴿ إنَّ ﴾ لأنه يفيد في مثل هذا المقام معنى التعليل والتسبب.
وجعل ذلك عدة آيات لأن في ذلك دلائل كثيرة، أي : الذين لا يفارقهم الوصفان.
والصبَّار : مبالغة في الموصوف بالصبر، والشَّكور كذلك، أي : الذين لا يفارقهم الوصفان.
وهذان وصفان للمؤمنين الموحِّدين في الصبر للضراء والشكر للسراء إذ يرجون بهما رضى الله تعالى الذي لا يتوكلون إلا عليه في كشف الضر والزيادة من الخير.