واعلموا أيها الناس أنكم "ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ" يلي أموركم وينصركم غيره "وَلا شَفِيعٍ" دون أمره ورضاه فزعمكم بشفاعة الأصنام باطلة "أَ فَلا تَتَذَكَّرُونَ" ٤ بمواعظ اللّه وتتعظون بعبره وهو الذي "يُدَبِّرُ الْأَمْرَ" في الدنيا على وجه الحكمة والإتقان فينزله "مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ" مدة دوامها "ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ" ذلك الأمر كله ليحكم فيه وقت
فصل القضاء بين الناس في الآخرة، قال تعالى (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) الآية ٤ من سورة المعارج الآتية.
واعلم أن هذه المسافة ما بين الأرض وسدرة المنتهى التي هي مقام جبريل عليه السلام.
قال ابن عباس لعبد اللّه بن فيروز حين سأله عن هذه الأيام : أيام سماها اللّه لا أدري ما هي وأكره أن أقول في كتاب اللّه ما لا أعلم.
وسيأتي لهذا البحث صلة في الآية المذكورة إن شاء اللّه فراجعه "فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ" بالنسبة لتقدير أيامكم أيها الناس "أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ" ٥ الآن وذلك أن مسافة ما بين الأرض وسماء الدنيا على ما جاءت به الآثار خمسمائة سنة، فيكون صعوده ونزوله ألف سنة، بحيث لو كانت هذه المسافة موجودة وسار عليها ابن آدم فلا يقطعها إلا بألف سنة.
هذا إذا كان العروج لسماء الدنيا فقط، أما إذا كان لمحل صدور الأمر فهو أكثر بكثير كما سيأتي في الآية ٤ المذكورة آنفا، "ذلِكَ" الإله العظيم الذي صنع ما ذكر هو "عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ" أي ما غاب عن هذا الكون في الآخرة وما عاينوه في الدنيا "الْعَزِيزُ" الغالب أمره كل شيء "الرَّحِيمُ" بأهل طاعته "الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ" في الدارين "وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ" آدم عليه السلام "مِنْ طِينٍ" ٧ وقرأ بعضهم وبدى، وعليه قول ابن رواحه :