باسم الإله وبه بدينا ولو عبدنا غيره شقينا
"ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ" نطفة سيّالة من الإنسان مكونة "مِنْ ماءٍ مَهِينٍ" ٨ حقين ضعيف قليل "ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ" أي جعل فيه الشيء الذي اختص به تعالى ولذلك أضافه لنفسه المقدسة تشريفا له وإظهارا بأنه مخلوق كريم على ربه وإعلاما بأن له شأنا بنسبته إلى الحضرة الإلهية يؤيد هذا قوله صلّى اللّه عليه وسلم إن اللّه خلق آدم على صورته، وفي رواية على صورة الرحمن.
وهذه الرواية الأخيرة لم تبق مجالا للتأويل والتفسير، أما الأول فقد قال بعضهم إن الضمير يعود إلى آدم أي على صورته نفسه التي هو عليها وليس بشيء والنفخ على حقيقته، وقدمنا ما يتعلق فيه في الآية ٨ من سورة المؤمنين والآية ٦٦ من سورة النحل المارتين، وفيهما ما يرشدك إلى غيرها مما هو مشبع فيه بحثه.
واعلم
أن المباشر لهذا النفخ الملك الموكل بذلك، والروح جسم لطيف كالهواء سار في البدن سريان الماء في العود وماء الورد بالورد والنار بالفحم، وقد أقام العلامة ابن الجوزي على هذا مئة دليل تشهد لها ظواهر الأخبار، ولذلك اخترته على غيره من أقوال كثيرة للفلاسفة وغيرهم، وقد أوضحت ما يتعلق به في الآية ٨٤ من سورة الإسراء في ج ١ فراجعه.