ويقال لهم أيضا "وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ" الدائم الذي لا نهاية له "بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" ١٤ من المعاصي وذلك بعد أن يطرحوا في النار تنفيذا لعهد اللّه، لأن أمثالهم لا يؤمنون لسابق شقائهم "إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها" وتليت عليهم "خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ" في سجودهم ونزهوه عما يقول الكفرة "وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ" ١٥ عن الإيمان بها وتصديق من أنزلت عليه ولا يأنفون من وضع جباههم على الأرض بل ولا من تمريغ وجوههم
في التراب إذلالا لأنفسهم واحتراما لخالقهم وخشوعا لهيبته وخضوعا لجلاله وتعظيما لربوبيته لسابق سعادتهم.
روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال :
كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقرأ السورة التي فيها السجدة فيسجد ويسجدون حتى ما يجد أحد مكانا لوضع جبهته في غير وقت الصلاة.
وروى مسلم عن أبي هريرة قال :
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول يا ويلتا أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار.
وقدمنا في الآية ٥٠ من سورة النحل ما يتعلق بالسجود فراجعه.
مطلب الآيات المدنيات، وقيام الليل، والحديث الجامع، وأحاديث لها صلة بهذا البحث :
قال تعالى "تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ" الفرش وما بمعناها من كل ما يضطجع عليه "يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً" من عقابه "وَطَمَعاً" في ثوابه "وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ" ١٦ من فضول أموالهم على الفقراء والمساكين وأبناء السبيل أداء لشكر ما أولاهم به من النعم وشفقة على عيال اللّه الذين أنعم عليهم بها من فضله وكرمه.
وهذا أول الآيات التي نزلت في الانتظار للصلاة بعد الصلاة.