وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي اللّه عنها قالت : كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقوم الليل حتى تورمت قدماه، فقلت لم تصنع هذا يا رسول اللّه وقد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال أفلا أكون عبدا شكورا ؟ وهذا الحديث لم تسمعه عائشة عند نزول هذه الآيات، إذ كان عمرها دون الست سنين عند نزولها، لأنه كان قبل الهجرة بسنة تقريبا وهي تزوجت برسول اللّه بعد الهجرة في السنة الثانية منها، وكان عمرها تسع سنين، وهذا الحديث روته بعد ذلك وجيء به هنا للمناسبة، وهكذا كثير من الأحاديث تذكر بمناسبة الآيات مع أنها قد تكون سمعت من حضرة الرسول قبل نزولها وقد يكون بعده.
وروى البخاري عن الهيثم بن سنان أنه سمع أبا هريرة في قصة يذكر فيها النبي صلّى اللّه عليه وسلم يقول إن أخا لكم لا يقول الرفث يعني بذلك ابن راوحة قال شعرا :
وفينا رسول اللّه يتلو كتابه إذا انشق معروف من الفجر ساطع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا به موقنات ما إذا قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
وأخرج الترمذي عن معاذ بن جبل رضي اللّه عنه قال : كنت مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في سفرة فأصبحت يوما قريبا منه، فقلت يا رسول اللّه أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار، قال سألت عن عظيم، وإنه ليسير عمن يسره اللّه عليه، تعبد اللّه ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، ثم قال ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنّة، والصدقة تطفئ الخطيئة، وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم قرأ (تتجافى جنوبهم) حتى بلغ
(جزاء بما كانوا يعملون) ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه ؟
قلت بلى يا رسول اللّه، قال رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد.