وقال ابن عطية :
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ ﴾
قرأ الناس " في مِرية " بكسر الميم، وقرأ الحسن بضمها، واختلف المتأولون في الضمير الذي في ﴿ لقائه ﴾ على من يعود ؛ فقال أبو العالية الرياحي وقتادة : يعود على موسى، والمعنى لا تكن في شك من أن تلقى موسى، أي في ليلة الإسراء، وهذا قول جماعة من السلف، وقاله المبرد حين امتحن ابا إسحاق الزجاج بهذه المسألة، وقالت فرقة الضمير عائد على ﴿ الكتاب ﴾ أي أنه لقي موسى حين لقيه موسى، والمصدر في هذا التأويل يصح أن يكون مضافاً للفاعل بمعنى لقي الكتاب موسى، ويصح أن يكون مضافاً إلى المفعول بمعنى لقي الكتابَ - بالنصب - موسى، وقال الحسن الضمير عائد على ما يتضمنه القول من الشدة والمحنة التي لقي موسى، وذلك أن إخباره بأنه آتى موسى الكتاب كأنه قال ﴿ ولقد آتينا موسى ﴾ هذا العبء الذي أنت بسبيله فلا تمتر أنك تلقى ما لقي هو من المحنة بالناس، وكأن الآية تسلية لمحمد ﷺ، وقالت فرقة معناه فلا تكن في شك من لقائه في الآخرة.
قال الفقيه الإمام القاضي : وهذا قول ضعيف، وقالت فرقة الضمير العائد على ﴿ ملك الموت ﴾ [ السجدة : ١١ ] الذي تقدم ذكره، وقوله ﴿ فلا تكن في مرية من لقائه ﴾ اعتراض بين الكلامين.