وقال الآلوسى :
﴿ وَلَقَدْ ءاتَيْنَا موسى الكتاب ﴾
أي جنس الكتاب ﴿ فَلاَ تَكُن فِى مِرْيَةٍ ﴾ أي شك٨ وقرأ الحسن ﴿ مِرْيَةٍ ﴾ بضم الميم ﴿ مّن لّقَائِهِ ﴾ أي لقائك ذلك الجنس على أن لقاء مصدر مضاف إلى المفعول وفاعله محذوف وهو ضمير النبي ﷺ والضمير المذكور للكتاب المراد به الجنس وإيتاء ذلك الجنس باعتبار إيتاء التوراة ولقاؤه باعتبار لقاء القرآن، وهكذا كقوله تعالى :﴿ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى القرءان مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ﴾ [ النمل : ٦ ] وقوله سبحانه :﴿ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ القيامة كِتَابًا يلقاه مَنْشُوراً ﴾ [ الإسراء : ٣ ١ ] وحمل بعضهم ﴿ الكتاب ﴾ على العهد أي الكتاب المعهود وهو التوراة ولما لم يصح عود الضمير إليه ظاهراً لأنه عليه الصلاة والسلام لم يلق عين ذلك الكتاب قيل : الكلام على تقدير مضاف أي لقاء مثله أو على الاستخدام أو أن الضمير راجع إلى القرآن المفهوم منه، ولا يخفى ما في كل من البعد، والمعنى أنا آتينا موسى مثل ما آتيناك من الكتاب ولقيناه من الوحي مثل ما لقيناك من الوحي فلا تكن في شك من أنك لقيت مثله ونظيره، وخلاصة ما تؤذن به الفاء التفريعية ان معرفتك بأن موسى عليه السلام أوتي التوراة ينبغي أن تكون سبباً لإزالة الريب عنك في أمر كتابك ؛ ونهيه عليه الصلاة والسلام عن أن يكون في شك المقصود منه نهى أمته ﷺ والتعريض بمن اتصف بذلك، وقيل : المصدر مضاف إلى الفاعل والمفعول محذوف هو ضميره عليه الصلاة والسلام أي من لقائه إياك ووصوله إليك، وفي التعبير باللقاء دون الإيتاء من تعظيم شأنه ﷺ ما لا يخفى على المتدبر، وقد يقال : إن التعبير به على الوجه السابق مؤذن بالتعظيم أيضاً لكن من حيثية أخرى فتدبر.


الصفحة التالية
Icon