وقال الفراء :
سورة ( الأحزاب )
﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً ﴾
وقوله: ﴿اتَّقِ اللَّهَ...﴾
(قال الفراء) يقول القائِل فِيمَ أُمِر النبى صَلى الله عليه وسلم بالتقوى.
فالسَّبب فى ذلك أنّ أبا سُفيان بن حَرْب وعِكرمة بن أبى جهل وأبا الأعور السُّلَمى قدموا إلى المدينة، فنزلوا على عبدالله بن أُبَىّ بن سَلُول ونظرائه مِن المنَافقينَ، فسَألُوا رسول الله أشياء يكرهها، فهمّ بهم المسلمون فنزل ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ﴾ فى نقض العهد ؛ لأنه كانت بينهم موادَعة فأُمر بأَلاّ ينقض العهد ﴿وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ﴾ من أهْل مكَّة ﴿وَالْمُنَافِقِينَ﴾ من أهل المدينة فيما سألوك.
﴿ مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ﴾
وقوله: ﴿مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ...﴾
إنما جرى ذكر هذا لِرجل كان يقال له جَمِيل بن أوس ويكنى أبا معمرٍ. وكان حَفِظاً للحديث كثيرهُ، فكان أهل مكّة يقولون: له قلبان وعقَلان من حفظه فانهزم يوم بدر، فمَرّ بأبى سُفيان وهو فى العِير، فقال: مَا حالُ الناس يا أبا معمرٍ؟ قال: بين مقتولٍ وهَارب. قال: فما بَالُ إحدى نعليكَ فى رجلك والأخرى فى يدك؟ قال: لقد ظننت أنهما جميعاً فى رِجلىّ ؛ فعلم كذبهم فى قولهم: له قلبانِ. ثم ضم إليه ﴿وَمَا جَعَلَ﴾.


الصفحة التالية
Icon