﴿ وَإِذْ قَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ ياأَهْلَ يَثْرِبَ لاَ مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُواْ وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً ﴾
وقوله: ﴿لاَ مَقَامَ لَكُمْ...﴾
قراءة العَوامّ بفتح الميم ؛ إلا أبا عبدالرحمن فإنه ضَمَّ الميم فقال (لاَ مُقَامَ لَكُمْ) فمن قال ﴿لا مَقامَ﴾ فكأنه أراد: لا موضع قيامٍ. ومن قرأ ﴿لا مُقامَ﴾ كأنه أراد: لا إقامة لكم (فَارْجِعُواْ).
كلّ القراء الذين نعرف على تسكين الواو (عَوْرَةٌ) وذُكر عن بعض القراء أَنه قَرأ (عَوِرة) عَلَى ميزان فَعِلة وهو وجه. والعرب تقول: قد أَعور منزلُك إذا بدت منه عَوْرة، وأَعور الفارسُ إذا كان فيه موضع خَلَل للضرب. وأنشدنى أبو ثَرْوانَ.
* لَهُ الشَّدَّةُ الأُولى إذا القِرنُ أَعورَا *
يعنى الأسد. وإنما أرادوا بقولهم: إن بيوتنا عورة أى مُمْكِنة للسُرَّاق لخلوتها من الرجال. فأكذبهم الله، فقال: ليست بِعورة.
﴿ وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواْ الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلاَّ يَسِيراً ﴾
وقوله: ﴿وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِّنْ أَقْطَارِهَا...﴾
يعنى نواحى المدينة ﴿ثُمَّ سُئِلُواْ الْفِتْنَةَ﴾ يقول: الرجوع إلى الكفر ﴿لآتَوْهَا﴾ يقول. لأعطَوُا الفتنة. فقرأ عاصم والأعمش بتطويل الألف. وقَصَرها أهلُ المدينة: ﴿لأَتَوْهَا﴾ يريد: لفعلوهَا. والذين طَوَّلوا يقولونَ: لمّا وقع عليها السؤال وقع عليها الإعطاء ؛ كما تقول: سألتنى حاجَةً فأعطيتُك وآتيتكها.
وقد يكون التأنيث فى قوله ﴿لآتَوْهَا﴾ للفَعْلة، ويكون التذكير فيه جائزاً لو أتى، كما تقول عند الأمرْ يفعله الرجل: قد فعلتَها، أما والله لا تذهب بها، تريد الفَعْلة.