وقوله: ﴿وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلاَّ يَسِيراً﴾ يقول: لم يكونوا ليلبثوا بالمدينة إلا قليلاً بعد إعطاء الكفر حتى يهلكوا.
﴿ قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُمْ مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾
وقوله: ﴿وَإِذاً لاَّ تُمَتَّعُونَ...﴾
مرفوعة ؛ لأنَّ فيها الواوَ وإذا كانت الواو كان فى الواو فعل مضمر، وكان معنى (إذاً) التأخير، أى ولو فعلوا ذلكَ لا يلبثونَ خلافك إلا قليلاً إذاً. وهى فى إحدى القِراءتْين (وإذاً لا يَلْبَثوا) بطرح النون يراد بها النصب. وذلك جائز، لأنَّ الفعل متروك فصارت كأنها لأوَّل الكلام، وإن كانت فيها الواو. والعرب تقول: إذاً أكسِرَ أنفك، إذاً أضربَكَ، إذاً أغُمَّكَ إذَا أجابوا بها متكلّماً. فإذا قالوا: أَنا إِذاً أضرِبُكَ رفعوا، وجَعَلوا الفعل أولى باسمه من إذاً ؛ كأنَّهُمْ قالوا أضربك إذاً ؛ ألا ترى أنهم يقولونَ: أظنُّك قائماً، فيُعملونَ الظنَّ إذا بدءُوا به / ب وإذا وقع بين الاسم وخبره أبطلوه، وإذا تأخّر بعد الاسم وخبره أبطلوه. وكذلك اليمين يكون لَها جَواب إذا بُدئ بها فيقال: والله إنك لعاقل، فإذا وقعت بين الاسم وخبره قالوا: أنت والله عاقل. وكذلكَ إذا تأخّرَت لم يكن لها جَواب ؛ لأنَّ الابتداء بغيرها. وقد تنصِب العربُ بإذاً وهى بين الاسم وخبره فى إنَّ وحدها، فيقولون: إنى إذاً أضربَك، قالَ الشاعر:
لا تَترُكنِّى فيهُم شطيراً * إنى إذاً أهلِكَ أوْ أطيرَا
والرفع جائز. وإنما جاز فى (إنّ) ولم يجز فى المبتدأ بغير (إنّ) لأن الفعل لا يكون مقدَّماً فى إنَّ، وقد يكون مقدّماً لو أسْقطت.


الصفحة التالية
Icon