وقال فى سورة أُخرى: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إلاَّ خَبَالاً﴾ ولو كانت: مَا زادكم إلا خبَالاً كان صَوَاباً، يريد: ما زادكم خروجهم إِلاَّ خَبَالاً. وهذا من سعة العربيَّة التى تَسْمَع بها.
﴿ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً ﴾
وقوله: ﴿مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ...﴾
رفع الرجال بـ (مِنْ) ﴿فَمِنْهُمْ مَّن قَضَى نَحْبَهُ﴾: أجله. وهذا فى حمزة وأَصْحَابه.
﴿ وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً ﴾
وقوله: ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ...﴾
وقد كانوا طمِعُوا أَنْ يَصْطلمُوا المسلمين لكثرتهم، فسَلَّط الله عليهم رِيحاً باردةً، فمنعت أحدهم من أن يُلجم دابَّته. وجَالت الخيل فى العسكر، وتقطعتْ أطْنابهم فهزمهم الله بغير قتال، وضربتهم الملائكة.
فذلك قوله: ﴿إذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عليهمْ رِيحاً وجُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا﴾ يعنى الملائكة.
﴿ وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً ﴾
وقوله: ﴿وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ...﴾
هؤلاء بنو قُرَيظة. كانوا يهوداً، وكانوا قد آزروا أهل مَكّة عَلَى النبىّ عليه السلام. وهى فى قراءة عبدالله (آزروهم) مكان ﴿ظاهروهم﴾ ﴿مِن صَيَاصِيهِمْ﴾: من حُصُونهم. وواحدتها صِيصِية وهى طَرَف القَرْن والجَبَل. وصيصية غير مهموز.
وقوله: ﴿فَرِيقاً تَقْتُلُونَ﴾ يعنى قَتْل رجالهم واستبقاءَ ذرارِّيهم.