وقوله: ﴿ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ﴾ فغير منصوبة لأنها نعت للقوم، وهم معرفة و (غير) نكرة فنُصبت على الفعل ؛ كقوله ﴿أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إلاَّ مَا يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّى الصَّيْدِ﴾ ولو خفضت ﴿غَيْرَ نَاظِرِينَ﴾ كَانَ صَوَاباً ؛ لأنَّ قبلَها ﴿طعامٍ﴾ وهو نكرة، فتجعل فعلهم تابعاً للطعام ؛ لرجوع ذكر الطعام فى (إنَاهُ) كَمَا تقول العرب: رأيت زيداً مع امرأة محسنٍ إليها، ومحسناً إليها. فمن قال: ﴿محسناً﴾ جعله من صفة زيد، ومَن خفضه فكأنه قال: رأيت زيداً مع التى يُحْسن إليها. فإذا صَارت الصلة للنكرة أتبعتها، وإن كان فعلاً لغيرهَا. وقد قال الأعشى:
فقلت له هذه هَاتِهَا * فجاء بأدماءَ مقتَادِهَا
فجعل المقتاد تابعَا لإعراب الأدماء ؛ لأنه بمنزلة قولك: لأدماء يقتادهَا ؛ فخفضته لأنه صلة لها. وقد ينشد بأدماءِ مقتادِهَا تخفض الأدماء لإضافتها إلى المقتاد. ومعناه: بملء يَدىْ من اقتادها ومثله فى العربية أن تقول: إذا دعوتَ زيداً فقد استغثت بزيدِ مستغِيثِه. فمعنى زيد مدح أى أنه كافى مسْتغيثِه. ولا يجوز أن تخفض على مثل قولك: مررت على رجل حَسَنِ وجهه ؛ لأن هذا لا يصلح حتى تسقط راجع ذكر الأول فتقول: حسن الوجه. وخطأ أن تقول: مررت على امرأة حسنِة وجهِها وحسنِة الوجه صواب.


الصفحة التالية
Icon