(فأرسلنا عليهم ريحاً) [٩] كانت ريح صبا تكب القدور وتطير الأخببية. (إذ جاءوكم من فوقكم) [١٠] عيينة في أهل نجد. و(أسفل منكم) أبو سفيان في قريش بجميع عددهم وعددهم. (زاغت الأبصار) شخصت. ويقال: حارت. وقيل: زاغت، أي: عن النظر إلى كل شيء [إلا] [إلى عدوها].
(وبلغت القلوب الحناجر) لشدة الرعب والخفقان، فإن الحياة تنبع من القلب في الشرايين فينبض به، والخفقان حركة للقلب غير معتادة، يحس بها صاحبه حتى يقال: إنه يخرج فيها عن [غشائه]، وكان بلوغ القلوب الحناجر منه. كما قال زهير: ٩٥٠- يصعد من خوفها الفؤاد فما يرقد بعض الرقاد صاحبها. وقيل: معنى بلغت كادت تبلغ، إذ القلب لو زال عن موضعه لمات صاحبه. وأفسد ابن الأنباري هذا التأويل، وقال: كاد لا يضمر ألبتة ولو جاز إضماره لجاز "قام زيد" بمعنى كاد يقوم، فيصير تأويل "قام زيد": لم يقم زيد. والتأويل صحيح غير فاسد، لأن إضمار "كاد" أكثر من أن يحصى، ولكنه بحسب الموضع المحتمل، ودلالة الكلام.
ألا ترى أنك تقول: أوردت عليه من الإرهاب ما مات عنده، أي: كاد يموت، ومنه قول جرير: ٩٥١- إن العيون التي في طرفها مرض يقتلننا ثم لا يحيين قتلانا ٩٥٢- [يصرعن] ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله أركانا. أي: كدن يقتلننا ويصرعن. (وتظنون بالله الظنونا) [١٠] هذه الألف لبيان/الحركة.
وكذلك في قوله: (الرسولا) و(السبيلا)، لأنه لو وقف بالسكون لخفي إعراب الكلمة، فيوقف بالألف، كما يوقف بها في قوافي الشعر، وكما تدخل الهاء لبيان الحركة في: (ماليه) و(حسابيه). (وإذ قالت طائفة منهم) [١٣] وهم بنو سليم. (يا أهل يثرب) وهي المدينة. وقيل: المدينة بعض منها. (يقولون إن بيوتنا عورة) وهم بنو حارثة.


الصفحة التالية
Icon