وإلا لحقوا ببلادهم، وخلوا بينكم وبين الرجل، ولا قبل لكم به، فلا [تقاتلوا] حتى تأخذوا رهناً من أشرافهم، ليناجزوا القتال. ثم أتى قريشاً وغطفان فذكرهم وده لهم، فقال: بلغني أمر أنصحكم فيه، فاكتموا علي، إن معشر اليهود ندموا، وترضوا محمداً على أن يأخذوا منكم أشرافاً ويدفعوهم إليه، ثم يكونون معه عليكم. فوقع ذلك من القوم، وأرسل أبو سفيان ورؤوس غطفان إلى بني قريظة: أنا لسنا بدار مقام، وهلك الخف والحافر، فلنناجز محمداً فطلبوا رهناً، [فقالت] قريش وغطفان: إن حديث نعيم لحق. وتخاذل القوم، واتهم بعضهم بعضاً (وكفى الله المؤمنين القتال). (وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم) [٢٦] من حصونهم.
عن قتادة: نزل جبريل ورسول الله في بيت زينب بنت جحش، يغسل رأسه، فقال: عفا الله عنك، ما وضعت الملائكة سلاحها منذ أربعين ليلة، [فانهد] إلى بني قريظة، فإني قطعت أوتارهم، وقلعت أوتادهم، وتركتهم في زلزال وبلبال، فحاصرهم النبي عليه السلام، ثم قتل مقاتليهم، وسبى ذراريهم. (تردن الحياة الدنيا وزينتها) [٢٨] قال الحسن: تطلعت نفس بعض نسائه إلى الدنيا، فنزلت الآية.
(يضاعف لها العذاب) [٣٠] لأن النعمة عندهن بصحبة الرسول/أعظم، والحجة عليهن ألزم. وقال أبو عمرو: أقرأ بالتشديد للتفسير بضعفين، ولو كان مضاعفة لكان العذاب ثلاثاً أو أكثر. وبينه أبو عبيدة فقال: التضعيف: جعل الشيء ضعفين، والمضاعفة: أن يجعل إلى الشيء شيئين. (فلا تخضعن بالقول) [٣٢] لا تلينه. (قولاً معروفاً) صحيحاً غليظاً، غير مؤنس مطمع.
[(وقرن) [٣٣] من] وقر يقر وقوراً ووقاراً، إذا سكن واطمأن، أي: كن ذوات وقار فلا تخففن بالخروج من البيوت. ويجوز من قر بالمكان يقر. وكان اقررن فتركوا حرفاً من التضعيف، كما قالوا: "ظلت" في "ظللت". ثم نقلوا حركته إلى القاف، واستغنوا عن [ألف] الوصل فصار "قرن"، وإن شئت قرن، كما قرئ (ظلت عليه عاكفاً) بالكسر والفتح.