حاجة النفس مثل تربية الشعر مع إهمال أمر الرأس، فتبين أن النبي ﷺ إذا أراد شيئاً حرم على الأمة التعرض إليه في الحكمة الواضحة.
ثم قال تعالى :﴿وأزواجه أمهاتهم﴾ تقريراً آخر، وذلك لأن زوجة النبي ﷺ ما جعلها الله تعالى في حكم الأم إلا لقطع نظر الأمة عما تعلق به غرض النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا تعلق خاطره بامرأة شاركت الزوجات في التعلق فحرمت مثل ما حرمت أزواجه على غيره، فلو قال قائل كيف قال :﴿وأزواجه أمهاتهم﴾ وقال من قبل :﴿وَمَا جَعَلَ أزواجكم اللائى تظاهرون مِنْهُنَّ أمهاتكم﴾ إشارة إلى أن غير من ولدت لا تصير أماً بوجه، ولذلك قال تعالى في موضع آخر :
﴿إِنْ أمهاتهم إِلاَّ اللائى وَلَدْنَهُمْ﴾ [ المجادلة : ٢ ] فنقول قوله تعالى في الآية المتقدمة :﴿والله يَقُولُ الحق وَهُوَ يَهْدِى السبيل﴾ جواب عن هذا معناه أن الشرع مثل الحقيقة، ولهذا يرجع العاقل عند تعذر اعتبار الحقيقة إلى الشريعة.
كما أن امرأتين إذا ادعت كل واحدة ولداً بعينه ولم يكن لهما بينة وحلفت إحداهما دون الأخرى حكم لها بالولد، وإن تبين أن التي حلفت دون البلوغ أو بكر ببينة لا يحكم لها بالولد، فعلم أن عند عدم الوصول إلى الحقيقة يرجع إلى الشرع، لا بل في بعض المواضع على الندور تغلب الشريعة الحقيقة، فإن الزاني لا يجعل أباً لولد الزنا.
إذا ثبت هذا فالشارع له الحكم فقول القائل هذه أمي قول يفهم لا عن حقيقة ولا يترتب عليه حقيقة.


الصفحة التالية