وقال الجصاص :
وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيِهِمْ ﴾
قِيلَ فِي الصَّيَاصِي : إنَّهَا الْحُصُونُ الَّتِي كَانُوا يَمْتَنِعُونَ بِهَا.
وَأَصْلُ الصِّيصَةِ قَرْنُ الْبَقَرَةِ وَبِهَا تَمْتَنِعُ، وَتُسَمَّى بِهَا شَوْكَةُ الدِّيكِ ؛ لِأَنَّهُ بِهَا يَمْتَنِعُ ؛ فَسُمِّيَتْ الْحُصُونُ صَيَاصِيَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى.
وَرُوِيَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا بَنُو قُرَيْظَةَ، كَانُوا نَقَضُوا الْعَهْدَ وَعَاوَنُوا الْأَحْزَابَ ؛ وَقَالَ الْحَسَنُ : هُمْ بَنُو النَّضِيرِ.
وَسَائِرُ الرُّوَاةِ عَلَى أَنَّهُمْ بَنُو قُرَيْظَةَ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى :﴿ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا ﴾ وَلَمْ يَقْتُلْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي النَّضِيرِ وَلَا أَسَرَهُمْ وَإِنَّمَا أَجَلَاهُمْ عَنْ بِلَادِهِمْ.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا ﴾ يَعْنِي بِهِ أَرْضَ بَنِي قُرَيْظَةَ.
وَعَلَى تَأْوِيلِ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى بَنِي النَّضِيرِ فَالْمُرَادُ أَرْضُ بَنِي النَّضِيرِ.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا ﴾ قَالَ الْحَسَنُ :( أَرْضُ فَارِسٍ وَالرُّومِ ).
وَقَالَ قَتَادَةُ :( مَكَّةُ ).
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ رُومَانٍ :( خَيْبَرُ ).