وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَرَدَّ الله الذين كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً ﴾
قال محمد بن عمرو يرفعه إلى عائشة : قالت :"الَّذِينَ كَفَرُوا" هاهنا أبو سفيان وعُيينة بن بدر، رجع أبو سفيان إلى تِهامة، ورجع عُيينة إلى نجد.
﴿ وَكَفَى الله المؤمنين القتال ﴾ بأن أرسل عليهم ريحاً وجنوداً حتى رجعوا ورجعت بنو قُريظة إلى صياصِيهم ؛ فكفى أمَر قريظة بالرعب.
﴿ وَكَانَ الله قَوِيّاً ﴾ أمره ﴿ عَزِيزاً ﴾ لا يُغلَب.
قوله تعالى :﴿ وَأَنزَلَ الذين ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الكتاب ﴾ يعني الذين عاونوا الأحزاب : قريشاً وغَطَفان ؛ وهم بنو قُريظة.
وقد مضى خبرهم.
﴿ مِن صَيَاصِيهِمْ ﴾ أي حصونهم ؛ واحدها صِيصَة.
قال الشاعر :
فأصبحت الثِّيران صَرْعَى وأصبحتْ...
نساء تميم يبتدِرْن الصياصِيا
ومنه قيل لشوكة الحائك التي بها يُسوّى السَّداة واللُّحْمة : صِيصة.
قال دريدُ بن الصِّمَّة :
فجئتُ إليه والرماحُ تَنُوشُه...
كوقع الصَّياصِي في النسيج الممدّد
ومنه : صيصَة الديك التي في رجله.
وصَياصِي البقر قرونها ؛ لأنها تمتنع بها.
وربما كانت تركّب في الرماح مكان الأسنة ؛ ويقال : جَذّ اللَّهُ صِئْصِئه ؛ أي أصله.
﴿ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرعب فَرِيقاً تَقْتُلُونَ ﴾ وهم الرجال.
﴿ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً ﴾ وهم النساء والذّرّية ؛ على ما تقدّم.
﴿ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَئُوهَا ﴾ بعدُ.
قال يزيد بن رُومان وابن زيد ومقاتل : يعني حُنَين ؛ ولم يكونوا نالوها، فوعدهم الله إياها.
وقال قتادة : كنا نتحدّث أنها مكة.
وقال الحسن : هي فارس والرّوم.
وقال عِكرمة : كل أرض تفتح إلى يوم القيامة.
﴿ وَكَانَ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً ﴾ فيه وجهان : أحدهما : على ما أراد بعباده من نقمة أو عفوٍ قديرٌ ؛ قاله محمد بن إسحاق.


الصفحة التالية
Icon