وقال أنس : نزلت في قوم لم يشهدوا بدراً، فعاهدوا أن لا يتأخروا عن رسول الله ( ﷺ )، فوفوا.
وقال زيد بن رومان : بنو حارثة.
﴿ فمنهم من قضى نحبه ﴾، وهذا تجوز، لأن الموت أمر لا بد منه أن يقع بالإنسان، فسمي نحباً لذلك.
وقال مجاهد : قضى نحبه : أي عهده.
قال أبو عبيدة : نذره.
وقال الزمخشري :﴿ فمنهم من قضى نحبه ﴾، يحتمل موته شهيداً، ويحتمل وفاءه بنذره من الثبات مع رسول الله ( ﷺ ).
وقالت فرقة : الموصوفون بقضاء النحب جماعة من الصحابة وفوا بعهود الإسلام على التمام.
فالشهداء منهم، والعشرة الذين شهد لهم الرسول بالجنة، منهم من حصل في هذه المرتبة بما لم ينص عليه، ويصحح هذا القول قول رسول الله ( ﷺ ).
وقد سئل من الذي قضى نحبه وهو على المنبر؟ فدخل طلحة بن عبيد الله فقال : هذا ممن قضى نحبه.
﴿ ومنهم من ينتظر ﴾ : إذا فسر قضاء النحب بالشهادة، كان التقدير : ومنهم من ينتظر الشهادة ؛ وإذا فسر بالوفاء لعهود الإسلام، كان التقدير : ومنهم من ينتظر الحصول في أعلى مراتب الإيمان والصلاح.
وقال مجاهد : ينتظر يوماً فيه جهاد، فيقضي نحبه.
﴿ وما بدلوا ﴾ : لا المستشهدون، ولا من ينتظر.
وقد ثبت طلحة يوم أحد حتى أصيبت يده، فقال رسول الله ( ﷺ ) :" أوجب طلحة "، وفيه تعريض لمن بدل من المنافقين حين ولوا الأدبار، وكانوا عاهدوا لا يولون الأدبار.
﴿ ليجزي الله الصادقين ﴾ : أي الذين ﴿ صدقوا ما عاهدوا الله عليه ﴾، ﴿ بصدقهم ﴾ : أي بسبب صدقهم.
﴿ ويعذب المنافقين إن شاء ﴾، وعذابهم متحتم.
فكيف يصح تعليقه على المشيئة، وهو قد شاء تعذيبهم إذا وفوا على النفاق؟ فقال ابن عطية : تعذيب المنافقين ثمرته إدامتهم الإقامة على النفاق إلى موتهم، والتوبة موازية لتلك الإقامة، وثمرة التوبة تركهم دون عذاب.
فهما درجتان : إقامة على نفاق، أو توبة منه.


الصفحة التالية
Icon