وهو زيد أنعم الله عليه بالإسلام ﴿وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ﴾ بالتحرير والإعتاق ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ همَّ زيد بطلاق زينب فقال له النبي أمسك أي لا تطلقها ﴿واتق الله﴾ قيل في الطلاق، وقيل في الشكوى من زينب، فإن زيداً قال فيها إنها تتكبر علي بسبب النسب وعدم الكفاءة ﴿وَتُخْفِي فِى نِفْسِكَ مَا الله مُبْدِيهِ﴾ من أنك تريد التزوج بزينب ﴿وتخشى الناس﴾ من أن يقولوا أخذ زوجة الغير أو الإبن ﴿والله أَحَقُّ أَن تخشاه﴾ ليس إشارة إلى أن النبي خشي الناس ولم يخش الله بل المعنى الله أحق أن تخشاه وحده ولا تخش أحداً معه وأنت تخشاه وتخشى الناس أيضاً، فاجعل الخشية له وحده كما قال تعالى :﴿الذين يُبَلّغُونَ رسالات الله وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ الله﴾ [ الأحزاب : ٣٩ ].
ثم قال تعالى :﴿فَلَمَّا قضى زَيْدٌ مّنْهَا وَطَراً زوجناكها﴾ أي لما طلقها زيد وانقضت عدتها وذلك لأن الزوجة ما دامت في نكاح الزوج فهي تدفع حاجته وهو محتاج إليها، فلم يقض منها الوطر بالكلية ولم يستغن وكذلك إذا كان في العدة له بها تعلق لإمكان شغل الرحم فلم يقض منها بعد وطره، وأما إذا طلق وانقضت عدتها استغنى عنها ولم يبق له معها تعلق فيقضي منها الوطر وهذا موافق لما في الشرع لأن التزوج بزوجة الغير أو بمعتدته لا يجوز فلهذا قال :﴿فَلَمَّا قضى﴾ وكذلك قوله :﴿لِكَىْ لاَ يَكُونَ عَلَى المؤمنين حَرَجٌ فِى أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً﴾ أي إذا طلقوهن وانقضت عدتهن، وفيه إشارة إلى أن التزويج من النبي عليه السلام لم يكن لقضاء شهوة النبي عليه السلام بل لبيان الشريعة بفعله فإن الشرع يستفاد من فعل النبي وقوله :﴿وَكَانَ أَمْرُ الله مَفْعُولاً﴾ أي مقضياً ما قضاه كائن.
ثم بين أن تزوجه عليه السلام بها مع أنه كان مبيناً لشرع مشتمل على فائدة كان خالياً من المفاسد. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٥ صـ ١٨٢ ـ ١٨٤﴾