فقوله :﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ دليل على أن الإيمان غير الإسلام، وهو أخص منه، لقوله تعالى :﴿ قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾ [الحجرات : ١٤]. وفي الصحيحين :"لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن". فيسلبه الإيمان، ولا يلزم من ذلك كفره بإجماع المسلمين، فدل على أنه أخص منه كما قررناه في أول شرح البخاري.
[وقوله] :﴿ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ ﴾ القنوت : هو الطاعة في سكون، ﴿ أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ﴾ [الزمر : ٩]، وقال تعالى :﴿ وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ ﴾ [الروم : ٢٦]، ﴿ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [آل عمران : ٤٣]، ﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [البقرة : ٢٣٨]. فالإسلام بعده مرتبة يرتقي إليها، ثم القنوت ناشئ عنهما.
﴿ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ ﴾ : هذا في الأقوال، فإن الصدق خصلة محمودة ؛ ولهذا كان بعض الصحابة لم تُجَرّب عليه كِذْبة لا في الجاهلية ولا في الإسلام، وهو علامة على الإيمان، كما أن الكذب أمارة على النفاق، ومَنْ صدق نجا، "عليكم بالصدق ؛ فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة. وإياكم والكذب ؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار. ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، ولا يزال الرجل يكذب ويتَحرَّى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا". والأحاديث فيه كثيرة جدا.


الصفحة التالية
Icon