وقال أبو السعود :
﴿ مَّا كَانَ عَلَى النبى مِنْ حَرَجٍ ﴾
أي ما صحَّ وما استقامَ في الحكمةِ أن يكونَ له ضيقٌ ﴿ فِيمَا فَرَضَ الله لَهُ ﴾ أي قسمَ له وقدَّر، من قولِهم فرضَ له في الدِّيوانِ كذا ومنه فروضُ العساكرِ لأعطياتِهم ﴿ سُنَّةَ الله ﴾ اسمٌ موضوعٌ موضعَ المصدرِ كقولِهم تُرباً وجنَدْلاَ مؤكد لما قبلَه من نفيِ الحرجِ أي سنَّ الله ذلك سُنَّةً ﴿ فِى الذين خَلَوْاْ ﴾ مضَوا ﴿ مِن قَبْلُ ﴾ من الأنبياءِ عليهم الصَّلاةُ السَّلامُ حيثُ وسَّع عليهم في بابِ النِّكاحِ وغيره ولقد كانتْ لداودَ عليه السَّلامُ مائة امرأة وثلاثمائة سرّية ولسليمان عليه السلام ثلاثمائة امرأةٍ وسبعمائةِ سُرِّيةٍ وقولُه تعالَى ﴿ وَكَانَ أَمْرُ الله قَدَراً مَّقْدُوراً ﴾ أي قضاءً مقضيَّا وحُكما مبتوتاً. اعتراضٌ وُسِّط بين الموصولينِ الجاريينِ مجرى الواحدِ للمسارعةِ إلى تقريرِ نفيِ الحَرجِ وتحقيقِه.
﴿ الذين يُبَلّغُونَ رسالات الله ﴾ صفةٌ للذين خَلَوا أو مدحٌ لهم. بالنَّصبِ أو بالرَّفعِ. وقُرىء رسالةَ الله ﴿ وَيَخْشَوْنَهُ ﴾ في كلِّ ما يأتُون ويذرُون لا سيِّما في أمرِ تبليغِ الرِّسالةِ حيثُ لا يخرمُون منها حرَفاً ولا تأخذُهم في ذلكَ لومةُ لائمٍ ﴿ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ الله ﴾ في وصفِهم بقصرِهم الخشيةَ على الله تعالى تعريض بما صدَرَ عنه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ من الاحترازِ عن لائمةِ الخلقِ بعد التَّصريحِ في قولِه تعالى :﴿ وَتَخْشَى الناس والله أَحَقُّ أَن تخشاه ﴾ ﴿ وكفى بالله حَسِيباً ﴾ كافياً للمخاوفِ فينبغي أنْ لا يُخشى غيرُه، أو محاسباً على الصَّغيرةِ والكبيرةِ فيجبُ أنْ يكونَ حقُّ الخشيةِ منْهُ تعالى. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٧ صـ ﴾