ولما كان البيت يطلق على المرأة لملازمتها له عادة، أعاد الضمير عليه مراداً به النساء استخداماً فقال :﴿وإذا سألتموهن﴾ أي الأزواج ﴿متاعاً﴾ أي شيئاً من آلات البيت ﴿فسئلوهن﴾ أي ذلك المتاع، كائنين وكائنات ﴿من وراء حجاب﴾ أي ستر يستركم عنهن ويسترهن عنكم ﴿ذلكم﴾ أي الأمر العالي الرتبة الذي أنبئكم جميعكم به من السؤال من وراء حجاب وغيره ﴿أطهر لقلوبكم وقلوبهن﴾ أي من وساوس الشيطان التي كان يوسوس بها في أيام الجاهلية قناعة منه بما كانوا في حبالته من الشرك ﴿وما كان لكم﴾ أي وما صح وما استقام في حال من الأحوال ﴿أن تؤذوا﴾ وذكرهم بالوصف الذي هو سبب لسعادتهم واستحق به عليهم من الحق ما لا يقدرون على القيام بشكره فقال :﴿رسول الله﴾ ـ ﷺ ـ، أي الذي له جميع الكمال فله إليكم من الإحسان ما يستوجب منكم به غاية الإكرام والإجلال، فضلاً عن الكف عن الأذى، فلا تؤذوه بالدخول إلى شيء من بيوته بغير إذنه أو المكث بعد فراغ الحاجة ولا بغير ذلك.
ولما كان قد قصره ـ ﷺ ـ عليهن، ولزم ذلك بعد أن أحل له غيرهن قصرهن عليه بعد الموت زيادة لشرفه وإظهاراً لمزيته فقال :﴿ولا أن تنكحوا﴾ أي فيما يستقبل من الزمان، ﴿أزواجه من بعده﴾ أي بعد فراقه لمن دخل منهن بموت أو طلاق لما تقدم أنه حي لم يمت ﴿أبداً﴾ فإن العدة منه ينبغي أن لا تنقضي لما له من الجلال والعظمة والكمال، وهو حي في قبره لا يزال، وثم علة أعم من هذه لمسها في الميراث، وهي قطع الأطماع عن امتدادها إلى شيء من الدنيا بعده لئلا يتمنى أحد موته ـ ﷺ ـ ليأخذ ذلك فيكفر لأنه لا إيمان لمن لا يقدمه على نفسه، وأما العالية بنت ظبيان التي طلقها النبي ـ ﷺ ـ.
وتزوجت غيره فكان أمرها قبل نزول هذه الآية - ذكره البغوي عن معمر عن الزهري.