إلَّا زَيْدٌ، وَمَا جَاءَ إلَّا زَيْدًا الْقَوْمُ، وَمَا مَرَرْت بِأَحَدٍ إلَّا زَيْدًا خَيْرٍ مِنْ عَمْرٍو، وَأَنْ لَا يَجُوزُ مَا ضَرَبَ إلَّا زَيْدٌ عَمْرًا، وَلَا إلَّا عَمْرًا زَيْدٌ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَا شَيْئَيْنِ فَهُوَ مُمْتَنِعٌ.
وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى مَا يَلِي " إلَّا " دُونَ الْأَخِيرِ يَكُونُ مَا قَبْلَهُ عَامِلًا فِيمَا بَعْدَهُ فِي غَيْرِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَمَا وَرَدَ قُدِّرَ عَامِلُ الثَّانِي فَتَقْدِيرُ : مَا ضَرَبَ إلَّا عَمْرًا زَيْدٌ ضَرَبَ زَيْدٌ.
وَذَهَبَ صَاحِبُ الْمِفْتَاحِ إلَى جَوَازِ التَّقْدِيمِ حَيْثُ قَالَ فِي فَصْلِ الْقَصْرِ : وَلَك أَنْ تَقُولَ فِي الْأَوَّلِ : مَا ضَرَبَ إلَّا عَمْرًا زَيْدٌ، وَفِي الثَّانِي مَا ضَرَبَ إلَّا زَيْدٌ عَمْرًا، فَتُقَدِّمُ وَتُؤَخِّرُ، إلَّا أَنَّ هَذَا التَّقْدِيمَ وَالتَّأْخِيرَ لَمَّا اسْتَلْزَمَ قَصْرَ الصِّفَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا عَلَى الْمَوْصُوفِ قَلَّ وُرُودُهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ ؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ الْمَقْصُورَةَ عَلَى عَمْرٍو فِي قَوْلِنَا مَا ضَرَبَ زَيْدٌ إلَّا عَمْرًا ؛ هِيَ ضَرْبُ زَيْدٍ، لَا الضَّرْبُ مُطْلَقًا.
وَالصِّفَةُ الْمَقْصُورَةُ عَلَى زَيْدٍ فِي قَوْلِنَا مَا ضَرَبَ عَمْرًا إلَّا زَيْدٌ هِيَ الضَّرْبُ لِعَمْرٍو.
وَقَالَ الْحَدِيثِيُّ عَلَى صَاحِبِ الْمِفْتَاحِ إنَّ حُكْمَهُ بِجَوَازِ التَّقْدِيمِ إنْ أُثْبِتَ بِوُرُودِهِ فِي الِاسْتِعْمَالِ فَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ بِأَنْ مَا وَرَدَ فِي الِاسْتِعْمَالِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي فِيهِ مَعْمُولًا لِعَامِلٍ مُقَدَّرٍ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ مَالِكٍ وَأُصُولُ الْأَبْوَابِ لَا تَثْبُتُ بِالْمُحْتَمَلَاتِ.
وَإِنْ أَتَيْت بِغَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ لِنَنْظُرَ فِيهِ.
قَالَ فَإِنْ قِيلَ : فَهَلْ يَجُوزُ التَّقْدِيمُ فِي " إنَّمَا " قُلْت : لَا يَجُوزُ قَطْعًا فِي " إنَّمَا " وَإِنْ جَوَّزَ فِي " مَا وَإِلَّا " لِأَنَّ " مَا وَإِلَّا " أَصْلٌ فِي الْقَصْرِ، وَلِأَنَّ التَّقْدِيمَ فِي " مَا وَإِلَّا " غَيْرُ مُلْتَبِسٍ، كَذَا قَالَ صَاحِبُ الْمِفْتَاحِ وَقَالَ الْحَدِيثِيُّ : امْتِنَاعُ التَّقْدِيمِ فِي " إنَّمَا " يَقْتَضِي امْتِنَاعَهُ فِي " مَا


الصفحة التالية
Icon