التاسعة : في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهنّ من وراء حجاب في حاجة تَعْرِض، أو مسألة يُستفتين فيها ؛ ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة، بدنها وصوتها ؛ كما تقدّم، فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عما يعرض وتعيَّن عندها.
العاشرة : استدلّ بعض العلماء بأخذ الناس عن أزواج النبيّ ﷺ من وراء حجاب على جواز شهادة الأعمى، وبأن الأعمى يطأ زوجته بمعرفته بكلامها.
وعلى إجازة شهادته أكثر العلماء، ولم يجزها أبو حنيفة والشافعيّ وغيرهما.
قال أبو حنيفة : تجوز في الأنساب.
وقال الشافعيّ : لا تجوز إلا فيما رآه قبل ذهاب بصره.
الحادية عشرة : قوله تعالى :﴿ ذلكم أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ يريد من الخواطر التي تعرض للرجال في أمر النساء، وللنساء في أمر الرجال ؛ أي ذلك أنفى للريبة وأبعد للتهمة وأقوى في الحماية.
وهذا يدلّ على أنه لا ينبغي لأحد أن يثق بنفسه في الخلوة مع من لا تحل له ؛ فإن مجانبة ذلك أحسن لحاله وأحصن لنفسه وأتم لعصمته.
الثانية عشرة : قوله تعالى :﴿ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ الله ﴾ الآية.
هذا تكرار للعلة وتأكيد لحكمها ؛ وتأكيد العلل أقوى في الأحكام.
الثالثة عشرة : قوله تعالى :﴿ وَلاَ أَن تنكحوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً ﴾ روى إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا محمد بن عبيد قال : حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة أن رجلاً قال : لو قُبض رسول الله ﷺ تزوجتُ عائشة ؛ فأنزل الله تعالى :﴿ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ الله ﴾ الآية.
ونزلت :﴿ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾.


الصفحة التالية
Icon