وقال القشيري أبو نصر عبد الرحمن : قال ابن عباس قال رجل من سادات قريش من العشرة الذين كانوا مع رسول الله ﷺ على حِراء في نفسه لو توفي رسول الله ﷺ لتزوَّجت عائشة، وهي بنت عمي.
قال مقاتل : هو طلحة بن عبيد الله.
قال ابن عباس : وندم هذا الرجل على ما حدّث به في نفسه، فمشى إلى مكة على رجليه وحمل على عشرة أفراس في سبيل الله، وأعتق رقيقاً فكفّر الله عنه.
وقال ابن عطية : روي أنها نزلت بسبب أن بعض الصحابة قال : لو مات رسول الله ﷺ لتزوَّجت عائشة ؛ فبلغ ذلك رسول الله ﷺ فتأذّى به ؛ هكذا كنَّى عنه ابن عباس ببعض الصحابة.
وحكى مكيّ عن معمر أنه قال : هو طلحة بن عبيد الله.
قلت : وكذا حكى النحاس عن معمر أنه طلحة ؛ ولا يصح.
قال ابن عطية : لله درّ ابن عباس! وهذا عندي لا يصح على طلحة بن عبيد الله.
قال شيخنا الإمام أبو العباس : وقد حكي هذا القول عن بعض فضلاء الصحابة، وحاشاهم عن مثله! والكذب في نقله ؛ وإنما يليق مثل هذا القول بالمنافقين الجهال.
يروى أن رجلاً من المنافقين قال حين تزوّج رسول الله ﷺ أمّ سلمة بعد أبي سلمة، وحفصة بعد خُنيس بن حُذافة : ما بال محمد يتزوّج نساءنا! والله لو قد مات لأجَلْنا السهام على نسائه ؛ فنزلت الآية في هذا ؛ فحرم الله نكاح أزواجه من بعده، وجعل لهن حكم الأمهات.
وهذا من خصائصه تمييزاً لشرفه وتنبيهاً على مرتبته صلى الله عليه وسلم.
قال الشافعيّ رحمه الله : وأزواجه ﷺ اللاتي مات عنهن لا يحلّ لأحد نكاحهن، ومن استحلّ ذلك كان كافراً ؛ لقوله تعالى :﴿ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ الله وَلاَ أَن تنكحوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً ﴾.
وقد قيل : إنما منع من التزوّج بزوجاته ؛ لأنهن أزواجه في الجنة، وأن المرأة في الجنة لآخر أزواجها.


الصفحة التالية
Icon