قال حذيفة لامرأته : إن سرّك أن تكوني زوجتي في الجنة إن جمعنا الله فيها فلا تزوّجي من بعدي ؛ فإن المرأة لآخر أزواجها.
وقد ذكرنا ما للعلماء في هذا في ( كتاب التذكرة ) من أبواب الجنة.
الرابعة عشرة : اختلف العلماء في أزواج النبيّ ﷺ بعد موته ؛ هل بقين أزواجاً أم زال النكاح بالموت، وإذا زال النكاح بالموت فهل عليهن عدة أم لا؟ فقيل : عليهن العدة ؛ لأنه تُوُفّي عنهن، والعدة عبادة.
وقيل : لا عدة عليهن ؛ لأنها مدة تربص لا ينتظر بها الإباحة.
وهو الصحيح ؛ لقوله عليه السلام :" ما تركت بعد نفقة عيالي " وروي " أهلي " وهذا اسم خاص بالزوجية ؛ فأبقى عليهن النفقة والسكنى مدة حياتهن لكونهن نساءه، وحرمن على غيره ؛ وهذا هو معنى بقاء النكاح.
وإنما جعل الموت في حقه عليه السلام لهن بمنزلة المغيب في حق غيره ؛ لكونهن أزواجاً له في الآخرة قطعاً بخلاف سائر الناس ؛ لأن الرجل لا يعلم كونه مع أهله في دار واحدة، فربما كان أحدهما في الجنة والآخر في النار ؛ فبهذا انقطع السبب في حق الخلق وبقي في حق النبيّ ﷺ ؛ وقد قال عليه السلام :" زوجاتي في الدنيا هن زوجاتي في الآخرة "
وقال عليه السلام :" كل سبب ونسب ينقطع إلا سببي ونسبي فإنه باق إلى يوم القيامة ".
فرع : فأما زوجاته عليه السلام اللاتي فارقهن في حياته مثل الكَلْبية وغيرها ؛ فهل كان يحلّ لغيره نكاحهن؟ فيه خلاف.
والصحيح جواز ذلك ؛ لما روي أن الكلبية التي فارقها رسول الله ﷺ تزوجها عكرمة بن أبي جهل على ما تقدّم.
وقيل : إن الذي تزوّجها الأشعث بن قيس الكندي.
قال القاضي أبو الطيّب : الذي تزوّجها مهاجر بن أبي أميّة، ولم ينكر ذلك أحد ؛ فدلّ على أنه إجماع.