لِحَدِيثٍ } أي لحديثِ بعضِكم بَعضاً أو لحديثِ أهلِ البيتِ بالتَّسمعِ له. عطفٌ على ناظرينَ أو مقدَّرٌ بفعلٍ أي ولا تدخلُوا ولا تمكثُوا مستأنسين الخ.
﴿ إِنَّ ذَلِكُمْ ﴾ أي الاستئناسُ الذي كنتُم تفعلونَهُ من قبل ﴿ كَانَ يُؤْذِى النبى ﴾ لتضييقِ المنزَّلِ عليهِ وعلى أهلِه وإيجابِه للاشتغالِ بما لا يَعنيه وصدِّه عن الاشتغالِ بما يعنيهِ ﴿ فَيَسْتَحِى مّنكُمْ ﴾ أي من إخراجِكم لقولِه تعالى ﴿ والله لاَ يَسْتَحْىِ * مِنَ الحق ﴾ فإنَّه يستدعِي أنْ يكونَ المستحى منه أمراً حقَّاً متعلِّقاً بهم لا أنفسَهم، وما ذلك إلا إخراجهم فينبغي أنْ لا يُترك حياءً ولذلك لم يتركْه تعالى وأمرَكم بالخروجِ. والتَّعبيرُ عنه بعدم الاستحياءِ للمشاكلةِ. وقُرىء لا يستحِي بحذفِ الياءِ الأُولى وإلقاءِ حركتِها إلى ما قبلَها. ﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ ﴾ الضَّميرُ لنساءِ النبيِّ المدلولِ عليهنَّ بذكرِ بيوتِه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ﴿ متاعا ﴾ أي شيئاً يُتمتَّعُ بهِ من الماعونِ وغيرِه ﴿ فاسئلوهن ﴾ أي المتاعَ ﴿ مِن وَرَاء حِجَابٍ ﴾ أي سترٍ.
روُي أنَّ عمرَ رضي الله عنه قالَ يا رسولَ الله يدخلُ عليكَ البرُّ والفاجرُ فلو أمرتَ أمَّهاتِ المؤمنينَ بالحجابِ فنزلتْ. وقيلَ : إنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ كان يَطعمُ ومعه بعضُ أصحابِه فأصابتْ يدُ رجلٍ منهُم يدَ عائشةَ رضي الله عنها فكرِه النبيُّ ذلكَ فنزلتْ ﴿ ذلكم ﴾ أي ما ذُكر من عدمِ الدُّخولِ بغير إذنٍ وعدم الاستئناسِ للحديثِ عند الدُّخولِ وسؤالِ المتاعِ من وراءِ حجابٍ ﴿ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ أي أكثرُ تطهيراً من الخواطرِ الشَّيطانيَّةِ.


الصفحة التالية
Icon