وبكر خالداً قطعاً فنحو ما أعطيت أحداً شيئاً إلا زيداً دانقاً كذلك، وقوله : إن الاستثناء في حكم جملة مستأنفة لأن معنى جاء القوم إلا زيداً جاء القوم ما منهم زيد وهو على ما قيل يقتضي أن لا يعمل ما قبل إلا فيما بعدها في مثل ما ذكر لأنها بمثابة ما وليس ذلك من الصور المستثناة ليس بشيء كما لا يخفى، وما في أمالي الكافية من أنه لا بد في المستثنى المفرغ من تقدير عام فلو استعمل بعد إلا شيئآن فأما أن لا يقدر عام أصلاً وهو يخالف حكم الباب أو يقدر عامان وهو يؤدي إلى أمر خارج عن القياس من غير ثبت ولو جاز في الاثنين جاز فيما فوقهما وهو ظاهر البطلان أو يقدر لأحدهما دون الآخر وهو يؤدي إلى اللبس فيما قصد.
تعقبه الحديثي بأن لقائل أن يختار الثالث ويقول : العام لا يقدر إلا للذي يلي إلا منهما لأنه المستثنى المفرغ ظاهراً فلا يحصل اللبس أصلاً، وأبو حيان قدر في الآية محذوفاً وجعل ﴿ غَيْرَ ناظرين ﴾ حالاً من الضمير فيه والتقدير ادخلوا غير ناظرين وهو الذي يقتضيه كلام ابن مالك حيث أوجب في نحو ما ضرب إلا زيد عمراً جعل عمراً مفعولاً لمحذوف دل عليه المذكور، والجملة مستأنفة استئنافاً بيانياً وقعت جواباً لسؤال نشأ من الجملة الأولى كأنه لما قيل ما ضرب إلا زيد سأل سائل من ضرب؟ فقيل : ضرب عمراً، وذكر العلامة تقي الدين السبكي عليه الرحمة في رسالته المسماة بالحلم والأناة في إعراب ﴿ غَيْرَ ناظرين إناه ﴾ وفيها يقول الصلاح الصفدي :
يا طالب النحو في زمان...
أطول ظلاً من القناة
وما تحلى منه بعقد...
عليك بالحلم والأناة