أخرج ابن جرير عن عائشة أن أزواج النبي عليه الصلاة والسلام كن يخرجن بالليل إذ برزن إلى المناصع وهو صعيد أفيح وكان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقول للنبي ﷺ : احجب نساءك فلم يكن رسول الله ﷺ يفعل فخرجت سودة بنت زمعة رضي الله تعالى عنها ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة فناداها عمر رضي الله تعالى عنه بصوته الأعلى قد عرفناك يا سودة حرصاً على أن ينزل الحجاب فأنزل الله تعالى الحجاب وذلك أحد موافقات عمر رضي الله تعالى عنه وهي مشهورة، وعد الشيعة ما وقع منه رضي الله تعالى عنه في خبر ابن جرير من المثالب قالوا : لما فيه من سوء الأدب وتخجيل سودة حرم رسول الله ﷺ وإيذائها بذلك.
وأجاب أهل السنة بعد تسليم صحة الخبر أنه رضي الله تعالى عنه رأى أن لا بأس بذلك لما غلب على ظنه من ترتب الخير العظيم عليه، ورسول الله ﷺ وإن كان أعلم منه وأغير لم يفعل ذلك انتظاراً للوحي وهو اللائق بكمال شأنه مع ربه عز وجل.
وأخرج البخاري في الأدب.
والنسائي من حديث عائشة أنها كانت تأكل معه عليه الصلاة والسلام وكان يأكل معهما بعض أصحابه فأصابت يد رجل يدها فكره النبي ﷺ ذلك فنزلت، ولا يبعد أن يكون مجموع ما ذكر سبباً للنزول، ونزل الحجاب على ما أخرج ابن سعد عن أنس سنة خمس من الهجرة.
وأخرج عن صالح بن كيسان أن ذلك في ذي القعدة منها ﴿ ذلكم ﴾ الظاهر أنه إشارة إلى السؤال من وراء حجاب، وقيل : هو إشارة إلى ما ذكر من عدم الدخول بغير إذن وعدم الاستئناس للحديث عند الدخول وسؤال المتاع من وراء حجاب ﴿ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ أي أكثر تطهراً من الخواطر الشيطانية التي تخطر للرجال في أمر النساء وللنساء في أمر الرجال فإن الرؤية سبب التعلق والفتنة، وفي بعض الآثار " النظر سهم مسموم من سهام إبليس "، وقال الشاعر :