وقال ابن عاشور :
﴿ يا أيها الذين ءَامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النبى إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إلى طَعَامٍ غَيْرَ ناظرين إناه ﴾.
لما بين الله في الآيات السابقة آداب النبي ﷺ مع أزواجه قفّاه في هذه الآية بآداب الأمة معهن، وصدره بالإِشارة إلى قصة هي سبب نزول هذه الآية.
وهي ما في "صحيح البخاري" وغيره عن أنس بن مالك قال : لما تزوج رسول الله ﷺ زينب ابنة جحش صنع طعاماً بخبز ولحم ودعا القوم فطعِموا ثم جلسوا يتحدثون وإذا هو كأنه يتهيّأ للقيام فلم يقوموا، فلما رأى ذلك قام فلما قام قام مَن قام وقعد ثلاثة نفر، فجاء النبي ليدخل فإذا القوم جلوس، فجعل النبي ﷺ يخرج ثم يرجع فانطلق إلى حجرة عائشة...
فتقَرَّى حُجَرَ نسائه كلهن يسلّم عليهن ويسلمن عليه ويدعون له، ثم إنهم قاموا فانطلقتُ فجئت فأخبرتُ النبي ﷺ أنهم قد انطلقوا فجاء حتى دخل فذهبتُ أدخل فألقى الحجاب بيني وبينه فأنزل الله :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تدخلو بيوت النبي ﴾ إلى قوله :﴿ من وراء حجاب ﴾.
وفي حديث آخر في الصحيح عن أنس أيضاً أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال له :"يا رسول الله يدخل عليك البَّرُ والفاجر فلو أمرتَ أمهاتِ المؤمنين بالحجاب" فأنزل الله آية الحجاب.
وليس بين الخبرين تعارض لجواز أن يكون قول عمر كان قبل البناء بزينب بقليل ثم عقبته قصة وليمة زينب فنزلت الآية بإثرها.
وابتدىء شرع الحجاب بالنهي عن دخول بيوت النبي ﷺ إلا لطعام دعاهم إليه، لأن النبي عليه الصلاة والسلام له مجلس يجلس في المسجد فمن كان له مهمّ عنده يأتيه هنالك.


الصفحة التالية
Icon