ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة ولم يُعطَ ورثتُهن شيئاً ولا سألوه.
وإضافتها إلى ضميرهن في قوله :﴿ ما يتلى في بيوتكن ﴾ [ الأحزاب : ٣٤ ] على معنى لام الاختصاص لا لام الملك.
قال حماد بن زيد وإسماعيل بن أبي حكيم : هذه الآية أدبٌ أدَّبَ اللَّهُ به الثقلاء، وقال ابنُ أبي عائشة : حسبك من الثقلاء أن الشرع لم يحتملهم.
ومعنى الثقل فيه هو إدخال أحَدٍ القلقَ والغمّ على غيره من جراء عمل لفائدة العامل أو لعدم الشعور بما يلحق غيره من الحرج من جراء ذلك العمل.
وهو من مساوىء الخلق لأنه إن كان عن عمد كان ضراً بالناس وهو منهي عنه لأنه من الأذى وهو ذريعة للتباغض عند نفاد صبر المضرور، فإن النفوس متفاوتة في مقدار تحمل الأذى، ولأن المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه فعليه إذا أحس بأن قوله أو فعله يُخدل الغم على غيره أن يكف عن ذلك ولو كان يجتني منه منفعة لنفسه إذ لا يُضر بأحد لينتفع غيره إلا أن يكون لمن يأتي بالعمل حق على الآخر فإن له طلبه مع أنه مأمور بحسن التقاضي، وإن كان إدخاله الغم على غيره عن غباوة وقلة تفطن له فإنه مذموم في ذاته وهو يصل إلى حدّ يكون الشعور به بديهياً.
وللحكماء والشعراء أقوال كثيرة في الثقلاء طفحت بها كتب أدب الأخلاق.
ومعاملة الناس النبي ﷺ بهذا الخلق أشد بعداً عن الأدب لأن للنبيء ﷺ أوقاتاً لا تخلو ساعة منها عن الاشتغال بصلاح الأمة ويجب أن لا يَشغل أحد أوقاتَه إلا بإذنه، ولذلك قال تعالى :﴿ إلا أن يؤذن لكم ﴾.
والأمر في قوله :﴿ فادخلوا ﴾ للندب لأن إجابة الدعوة إلى الوليمة سنة، وتقييد النهي بقوله :﴿ غير ناظرين إناه ﴾ للتنزيه لأن الحضور قبل تهيّؤ الطعام غير مقتضى للدعوة ولا يتضمنه الإِذن فهو تطفل.