وقال ابن عطية :
﴿ ترجى ﴾ معناه تؤخر وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم " ترجيء " بالهمز، وقرأ عاصم في رواية حفص وحمزة والكسائي " ترجي " بغير همز وهما لغتان بمعنى، ﴿ وتؤوي ﴾ معناه تضم وتقرب وقال المبرد هو معدى رجى يرجو تقول رجى الرجل وأرجيته جعلته ذا رجاء، ومعنى هذه الآية أن الله فسح لنبيه فيما يفعله في جهة النساء، والضمير في ﴿ منهن ﴾ عائد على من تقدم ذكره من الأصناف حسب الخلاف المذكور في ذلك، وهذا الإرجاء والإيواء يحتمل معاني، منها أن معناه في القسم أن تقرب من شئت في القسمة لها من نفسك، وتؤخر عنك من شئت، وتكثر لمن شئت، وتقل من شئت، لا حرج عليك في ذلك، فإذا علمن هن أن هذا هو حكم الله تعالى لك وقضاؤه زالت الأنفة والتغاير عنهن ورضين وقرت أعينهن وهذا تأويل مجاهد وقتادة والضحاك.
قال الفقيه الإمام القاضي : لأن سبب هذه الآيات إنما كان تغايراً وقع بين زوجات النبي ﷺ عليه فشقي بذلك، ففسح الله له وأنبهن بهذه الآيات، وقال أبو رزين وابن عباس المعنى في طلاق من شاء ممن حصل في عصمته وإمساك من شاء، قال أبو زيد : وكان رسول الله ﷺ قد هم بطلاق بعض نسائه فقلن له أقسم لنا ما شئت فكان ممن أرجى سودة وجويرية وصفية وأم حبيبة وميمونة وآوى إليه عائشة وأم سلمة وحفصة وزينب وقال الحسن بن أبي الحسن المعنى في تزويج من شاء من النساء وترك من شاء، وقالت فرقة المعنى في ضم من شاء من الواهبات وتأخير من شاء.
قال القاضي أبو محمد : وعلى كل معنى فالآية معناها التوسعة على رسول الله ﷺ والإباحة له، قالت عائشة : لما قرأ عليّ رسول الله ﷺ هذه الآية قلت ما أرى ربك إلا يسارع في هواك.


الصفحة التالية
Icon