وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ تُرْجِي من تشاءُ مِنْهُنَّ ﴾
قرأ ابن كثير، وأبوعمرو، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم :﴿ تُرْجِىء ﴾ مهموزاً ؛ وقرأ نافع، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم : بغير همز.
وسبب نزولها أنه لمَّا نزلت آية التخيير المتقدِّمة، أشفقْنَ أن يُطَلَّقْنَ، فقُلْنَ : يا نبيَّ الله، اجعل لنا من مالك ونفسك ما شئت، ودَعْنا على حالنا، فنزلت هذه الآية، قاله أبو رزين.
وفي معنى الآية أربعة أقوال.
أحدها : تطلِّق من تشاء من نسائك، وتُمْسِك من تشاء من نسائك، قاله ابن عباس.
والثاني : تترُك نكاح من تشاء، وتَنْكِح من نساء أُمَّتك من تشاء، قاله الحسن.
والثالث : تَعْزِل من شئتَ من أزواجك فلا تأتيها بغير طلاق، وتأتي من تشاء فلا تَعْزِلها.
قاله مجاهد.
والرابع : تَقْبَل من تشاء من المؤمنات اللواتي يَهَبْنَ أنفُسَهُنَّ، وتترُك من تشاء، قاله الشعبي، وعكرمة.
وأكثر العلماء على أن هذه الآية نزلت مبيحة لرسول الله ﷺ مصاحَبة نسائه كيف شاء من غير إِيجاب القِسْمة عليه والتسوية بينهنّ، غير أنه كان يسوِّي بينهنّ.
وقال الزُّهري : ما عَلِمْنا رسولَ الله ﷺ أرجأ منهنَّ أحداً، ولقد آواهنَّ كلَّهنَّ حتى مات.
وقال أبو رزين : آوى عائشة، وأُم سلمة، وحفصة، وزينب، وكان قَسْمُه من نَفْسه وماله فيهنَّ سواءً.
وأرجأ سَوْدة، وجُوَيرية، وصفيَّة، وأُمَّ حبيبة، وميمونة، وكان يَقْسِم لهنَّ ما شاء.
وكان أراد فراقهنَّ فقُلن : اقسم لنا ما شئتَ، ودَعْنا على حالنا.
وقال قوم : إِنَّما أرجأ سَودة وحدها لأنها وهبت يومها لعائشة، فتوفي وهو يَقْسِم لثمان.