قوله تعالى :﴿ وتُؤوي ﴾ أي : تضم، ﴿ ومن ابتغيتَ ممَّن عَزَلْتَ ﴾ أي : إِذا أردتَ أن تُؤوي إِليك امرأةً ممَّن عزلتَ من القسمة ﴿ فلا جُنَاحَ عليكَ ﴾ أي : لا مَيْلَ عليك بلَوْم ولا عَتْب ﴿ ذلكَ أدنى أن تَقَرَّ أعيُنُهُنَّ ﴾ أي : ذلك التخيير الذي خيَّرناك في صُحبتهنّ أقرب إِلى رضاهنّ.
والمعنى : إِنهنّ إِذا عَلِمن أنَّ هذا أَمر من الله، كان أطيبَ لأنفُسهنّ.
وقرأ ابن محيصن، وأبو عمران الجوني :﴿ أن تُقِرَّ ﴾ بضم التاء وكسر القاف ﴿ أعيُنَهُنَّ ﴾ بنصب النون.
﴿ ويَرْضَيْنَ بما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ ﴾ أي : بما أعطيتَهُنّ من تقريب وتأخير ﴿ واللّهُ يعلم ما في قلوبكم ﴾ من المَيْل إِلى بعضهنّ.
والمعنى : إِنما خيَّرناك تسهيلاً عليك.
قوله تعالى :﴿ لا يَحِلُّ لكَ النِّساءُ ﴾ كلُّهم قرأ :﴿ لا يَحِلُّ ﴾ بالياء، غير أبي عمرو، فانه قرأ بالتاء ؛ والتأنيث ليس بحقيقي، إِنما هو تأنيث الجمع، فالقراءتان حسنتان.
وفي قوله ﴿ مِنْ بَعْدُ ﴾ ثلاثة أقوال.
أحدها : من بعد نسائك اللواتي خيرتَهُنَّ فاخترنَ اللّهَ ورسولَه، قاله ابن عباس، والحسن، وقتادة في آخرين، وهُنَّ التِّسع، فصار [ مقصوراً ] عليهنّ ممنوعاً من غيرهن وذكر أهل العِلْم أن طلاقه لحفصة وعَزْمه على طلاق سَوْدة كان قبل التخيير.
والثاني : من بعد الذي أحلَلْنا لك، فكانت الإِباحة بعد نسائه مقصورة على المذكور في قوله :﴿ إِنَّا أَحلَلْنَا لكَ أزواجَكَ ﴾ إِلى قوله :﴿ خالصةً لكَ ﴾ ؛ قاله أُبيُّ بن كعب، والضحاك.
والثالث : لا تَحِلُّ لك النساء غير المُسْلِمات كاليهوديّات والنصرانيّات والمشركات، وتَحِلُّ لك المسلمات، قاله مجاهد.
قوله تعالى :﴿ ولا أن تَبَدَّلَ بهنَّ ﴾ فيه ثلاثة أقوال.
أحدها : أن تطلِّق زوجاتك وتستبدل بهنَّ سِواهنَّ، قاله الضحاك.
والثاني : أن تبدِّل بالمسلمات المشركات، قاله مجاهد في آخرين.