وقال القرطبى :
﴿ تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ ﴾
فيه إحدى عشرة مسألة :
الأولى : قوله تعالى :﴿ تُرْجِي مَن تَشَآءُ ﴾ قرىء مهموزاً وغير مهموز، وهما لغتان، يقال : أرجيت الأمر وأرجأته إذا أخرته.
﴿ وتؤوي ﴾ تَضُمّ، يقال : آوى إليه ( ممدودة الألف ) ضمّ إليه.
وأوى ( مقصورة الألف ) انضمّ إليه.
الثانية : واختلف العلماء في تأويل هذه الآية، وأصح ما قيل فيها.
التوسعة على النبيّ ﷺ في ترك القَسْم، فكان لا يجب عليه القَسْم بين زوجاته.
وهذا القول هو الذي يناسب ما مضى، وهو الذي ثبت معناه في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها ؛ قالت : كنت أغار على اللائي وهبن أنفُسَهُن لرسول الله ﷺ وأقول : أوتهب المرأة نفسها لرجل؟ فلما أنزل الله عز وجل :﴿ تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وتؤوي إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ وَمَنِ ابتغيت مِمَّنْ عَزَلْتَ ﴾ قالت : قلت والله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك.
قال ابن العربيّ : هذا الذي ثبت في الصحيح هو الذي ينبغي أن يعوّل عليه.
والمعنى المراد : هو أن النبيّ ﷺ كان مخيَّراً في أزواجه، إن شاء أن يَقْسِم قَسَم، وإن شاء أن يترك القَسم ترك.
فخص النبيّ ﷺ بأن جعل الأمر إليه فيه ؛ لكنه كان يقسم من قِبل نفسه دون أن فرض ذلك عليه، تطييباً لنفوسهنّ، وصوناً لهنّ عن أقوال الغَيْرة التي تؤدي إلى ما لا ينبغي.
وقيل : كان القَسْم واجباً على النبي ﷺ ثم نسخ الوجوب عنه بهذا الآية.
قال أبو رَزين : كان رسول الله ﷺ قد همّ بطلاق بعض نسائه فقلن له : اقسم لنا ما شئت.
فكان ممن آوى عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب، فكان قسمتهنّ من نفسه وماله سواء بينهنّ.
وكان ممن أرجى سودة وجُوَيْرِية وأم حبيبة وميمونة وصفية ؛ فكان يقسم لهنّ ما شاء.
وقيل : المراد الواهبات.