قلت : أما إنه يستحب التستر لما رواه إسرائيل عن عبد الأعلى أن الحسن بن عليّ دخل غَديراً وعليه بُرد له متوشحاً به، فلما خرج قيل له، قال : إنما تسترت ممن يراني ولا أراه ؛ يعني من ربي والملائكة.
فإن قيل : كيف نادى موسى عليه السلام الحجر نداء من يعقل؟ قيل : لأنه صدر عن الحجر فعل مَن يعقل.
و"حَجرُ" منادى مفرد محذوف حرف النداء، كما قال تعالى :﴿ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا ﴾ [ يوسف : ٢٩ ].
و"ثوبي" منصوب بفعل مضمر ؛ التقدير : أعطني ثوبي، أو اترك ثوبي، فحذف الفعل لدلالة الحال عليه.
قوله تعالى :﴿ وَكَانَ عِندَ الله وَجِيهاً ﴾ أي عظيماً.
والوجيه عند العرب : العظيم القدر الرفيع المنزلة.
ويروى أنه كان إذا سأل الله شيئاً أعطاه إياه.
وقرأ ابن مسعود :"وَكَانَ عَبْداً لِلَّهِ".
وقيل : معنى "وَجِيهاً" أي كلمه تكليماً.
قال أبو بكر الأنباريّ في ( كتاب الرد ) : زعم مَن طعن في القرآن أن المسلمين صحّفوا "وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وِجِيهاً" وأن الصواب عنده "وَكَانَ عَبْداً لِلَّهِ وَجِيهاً" وذلك يدل على ضعف مقصده ونقصان فهمه وقلة علمه، وذلك أن الآية لو حملت على قوله وقرئت :"وكان عبداً" نقص الثناء على موسى عليه السلام ؛ وذلك أن "وَجِيهاً" يكون عند أهل الدنيا وعند أهل زمانه وعند أهل الآخرة، فلا يوقف على مكان المدح، لأنه إن كان وجيهاً عند بني الدنيا كان ذلك إنعاماً من الله عليه لا يبين عليه معه ثناء من الله.
فلما أوضح الله تعالى موضع المدح بقوله :﴿ وَكَانَ عِندَ الله وَجِيهاً ﴾ استحق الشرف وأعظم الرفعة بأن الوجاهة عند الله، فمن غيّر اللفظة صرف عن نبيّ الله أفخر الثناء وأعظم المدح.
قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً ﴾
أي قصداً وحقًّا.
وقال ابن عباس : أي صواباً.