وأناس من الصحابة أن الله تعالى أوحى إلى موسى إني متوف هارون فأت جبل كذا فانطلقا نحو الجبل فأذاهم بشجرة وبيت فيه سرير عليه فرش وريح طيبة فلما نظر هارون إلى ذلك الجبل والبيت وما فيه أعجبه فقال يا موسى إني أحب أن أنام على هذا السرير قال نم عليه قال نم معي فلما نام أخذ هارون الموت فلما قبض رفع ذلك البيت وذهبت تلك الشجرة ورفع السرير إلى السماء فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل قالوا قتل هارون وحسده لحب بني إسرائيل له وكان هارون أكف عنهم وألين لهم وكان في موسى بعض الغلظة عليهم فلما بلغه ذلك قال : ويحكم إنه كان أخي أفتروني أقتله فلما أكثروا عليه قام فصلى ركعتين ثم دعا الله تعالى فنزل بالسرير حتى نظروا إليه بين السماء والأرض فصدقوه، وقيل : ما نسبوه إليه عليه السلام من الزنا وحاشاه، روى أن قارون أغرى مومسة على قذفه عليه السلام بنفسها ودفع إليها مالاً عظيماً فأقرت بالمصانعة الجارية بينها وبين قارون وفعل به ما فعل كما فصل في سورة القصص، ويبعد هذا القول تبعيداً ما جمع الموصول، وقيل : ما نسبوه إليه من السحر والجنون، وقيل : ما حكى عنهم في القرآن من قولهم :﴿ اذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هاهنا قاعدون ﴾ [ المائدة : ٤ ٢ ] وقولهم ﴿ لَن نَّصْبِرَ على طَعَامٍ واحد ﴾ [ البقرة : ١ ٦ ] وقولهم :﴿ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى نَرَى الله جَهْرَةً ﴾ [ البقرة : ٥٥ ] إلى غير ذلك، ويمكن حمل ما قالوا على جميع ما ذكر.
﴿ وَكَانَ عِندَ الله وَجِيهاً ﴾ أي كان ذا جاه ومنزلة عنده عز وجل، وفي معناه قول قطرب : كان رفيع القدر ونحوه قول ابن زيد : كان مقبولاً، وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه قال وجيهاً مستجاب الدعوة وزاد بعضهم ما سأل شيئاً إلا أعطى إلا الرؤية في الدنيا، ولا يخفى أن استجابة الدعوة من فروع رفعة القدر، وقيل : وجاهته عليه السلام أن الله تعالى كلمه ولقب كليم الله، وقرأ ابن مسعود.
والأعمش.


الصفحة التالية
Icon