وقال القرطبى :
﴿ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ ﴾
فيه خمس مسائل :
الأولى : قوله تعالى :﴿ لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ المنافقون ﴾ الآية.
أهل التفسير على أن الأوصاف الثلاثة لشيء واحد ؛ كما روى سفيان بن سعيد عن منصور عن أبي رزين قال :﴿ المنافقون والذين فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ والمرجفون فِي المدينة ﴾ قال : هم شيء واحد، يعني أنهم قد جمعوا هذه الأشياء.
والواو مقحمة.
كما قال :
إلى الملك القَرْم وابن الهمام...
ولَيْثِ الكَتيبة في المُزْدحم
أراد إلى الملك القرم ابن الهمام ليثِ الكتيبة، وقد مضى في "البقرة".
وقيل : كان منهم قوم يُرجفون، وقوم يتبعون النساء للرِّيبة، وقوم يشكّكون المسلمين.
قال عكرمة وشَهْر بن حَوْشَب :"الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ" يعني الذين في قلوبهم الزنى.
وقال طاوس : نزلت هذه الآية في أمر النساء.
وقال سلمة بن كُهيل : نزلت في أصحاب الفواحش، والمعنى متقارب.
وقيل : المنافقون والذين في قلوبهم مرض شيء واحد، عبّر عنهم بلفظين ؛ دليله آية المنافقين في أول سورة "البقرة".
والمرجفون في المدينة قوم كانوا يخبرون المؤمنين بما يسوءهم من عدوّهم، فيقولون إذا خرجت سرايا رسول الله ﷺ : إنهم قد قتلوا أو هزموا، وإن العدوّ قد أتاكم، قاله قتادة وغيره.
وقيل كانوا يقولون : أصحاب الصُّفّة قوم عزّاب، فهم الذين يتعرّضون للنساء.
وقيل : هم قوم من المسلمين ينطقون بالأخبار الكاذبة حُبًّا للفتنة.
وقد كان في أصحاب الإفك قوم مسلمون ولكنهم خاضوا حُبًّا للفتنة.
وقال ابن عباس : الإرجاف التماس الفتنة، والإرجاف : إشاعة الكذب والباطل للاغتمام به.
وقيل : تحريك القلوب، يقال : رجفت الأرض أي تحرّكت وتزلزلت ترجُف رَجْفا.
والرَّجَفان : الاضطراب الشديد.